تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لقد ضرب الله لنا الأمثال الموحية وهي التي يجعلها العلمانيون من اللامفكر فيه:" أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا اخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور" النور:40 وقال" أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا" والجاهل بدلالات تلك المعاني الدقيقة اللطيفة ميت القلب والروح وإن كان حي البدن والجُثة!، وقال تعالى "إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ" يقول ابن القيم في مدارج السالكين:" وشبههم في موت قلوبهم بأهل القبور فإنهم قد ماتت أرواحهم وصارت أجسامهم قبورا لها فكما أنه لا يسمع أصحاب القبور كذلك لا يسمع هؤلاء وإذا كانت الحياة هي الحس والحركة وملزومهما فهذه القلوب لما لم تحس بالعلم والإيمان ولم تتحرك له كانت ميتة حقيقة وليس هذا تشبيها لموتها بموت البدن بل ذلك موت القلب والروح"

النفوس الشريفة في مواجهة رذالة العالم

ان هذه النفوس العظيمة الكبيرة التي تحبسها الكهانة .. النفوس الشريفة العزيزة الرفيعة التي خطفتها الجهالة، لم يثني عزمها ضراوة المحنة او شدة البلاء، او ضراوة الكفر واصرار الغباء، وقد علمت، حماها الله، ان عقائد الكنيسة فكر عاطل، وان قتل الرب زيف باطل، لقد رفضت هذه النفوس الشجاعة الرضوخ لحرامية الديانة وسراق الأرواح وأكلة لحم الرب بزعم الأكلة انفسهم لانفتري عليهم كما يفترون علينا!. يقول الأنبا بيشوي انه يأكل جسد الرب ويشرب دمه على الحقيقة بالزعم بتحول الخمر والخبر في العشاء الرباني الى جسد الرب ودمه على الحقيقة!، يقول:" تتحول أثناء القداس إلى جسد الرب ودمه تحت أعراض الخبز والخمر ... نشرب من هذه الكأس لأننا نؤمن أن ما بداخل الكأس هو دم حقيقى تحت أعراض الخمر." (بيشوي في كتابه سلسلة محاضرات تبسيط الإيمان- سر التناول المقدس) ياللعار يابيشوي ياللعار. هل مازلت عاقلا يابيشوي وانت تنطق بهذه الكلمات الوحشية البدائية؟ ويضيف بيشوي في نفس الكتاب:" فإذا كان السيد الرب نفسه يقول هذا هو دمى، فمن يستطيع أن يقول إن هذا هو رمز فقط؟ ألا نؤمن بصدق كلمات السيد المسيح؟!! ... (ومن قال لك يابيشوي انه قول الرب وليس قول اهل التحريف؟!) لكننا نتناول من جسد الرب ودمه ... يكمل القديس بولس كلامه ويقول "إذاً أى من أكل هذا الخبز أو شرب كأس الرب بدون استحقاق يكون مجرماً فى جسد الرب ودمه" (1كو11: 27). فكيف يكون مجرماً إن كان هذا دماً ليس حقيقياً أو جسداً ليس حقيقياً"!!!

هؤلاء هم "الحرامية وقطاع الطريق" كما سماهم ابن القيم في كتابه "الوابل الصيب"، وهذه النفوس الفريدة وان حُبست وخُطفت من قبل هذه الرذالة، فانها مطمئنة بالله عز وجل لانها رجعت اليه واقبلت بحق عليه، مهما بلغت العداوة مبلغها والشقاوة ارهابها والجهالة اقصاها. فرضى الله عند الأسيرات والمؤمنات فوق كل رضى وحق الله فوق كل حق وحب الله اعلى درجات الحب وتنزيهه عن القبائج اعظم التنزيه. يقول ابن القيم في موسوعته الإيمانية "مدارج السالكين":" فمن آثر رضى الله فلابد أن يعاديه رذالة العالم وسقطهم وغرثاهم وجهالهم وأهل البدع والفجور منهم وأهل الرياسات الباطلة وكل من يخالف هديه هديه، فما يقدم على معاداة هؤلاء إلا طالب الرجوع إلى الله عامل على سماع خطاب: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} [الفجر: 27 - 28] ومَن إسلامه صلب كامل لا تزعزعه الرجال ولا تقلقله الجبال ومن عقد عزيمة صبره محكم لا تحله المحن والشدائد والمخاوف، قلت (ابن القيم): وملاك ذلك أمران: الزهد في الحياة والثناء فما ضعف من ضعف وتأخر من تأخر إلا بحبه للحياة والبقاء وثناء الناس عليه ونفرته من ذمهم له فإذا زهد في هذين الشيئين تأخرت عنه العوارض كلها وانغمس حينئذ في العساكر وملاك هذين الشيئين بشيئين: صحة اليقين وقوة المحبة وملاك هذين بشيئين أيضا: بصدق اللجإ والطلب والتصدي للأسباب الموصلة إليهما فإلى ههنا تنتهي معرفة الخلق وقدرتهم والتوفيق بعد بيد من أزمة الأمور كلها بيده

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير