تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومعلوم ان المواجهة مع العدو مقصودة احيانا او غالبا، والتعرض للبلاء هو صقل للنفوس وتقوية لها للزمن الآتي فلا تضرها فتنة بعد ذلك مهما كانت ويبقى النور واشراقه مهما بلغت الظلمات المبالغ العظيمة والدركات السحيقة والعواصف الشديدة. وهذه النفوس الرفيعة هي التي تحمل الكافة الى النصر والتمكين ولايكون ذلك الا بصبر ويقين، ومعاناة ومكافحة، فتتم التربية والتزكية وسط مشاعل الفتن فتكون المثال والنموذج للتائهين والباحثين عن الحقيقة "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ. وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ. وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ. الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ" (سورة البقرة:153 - 157) ولاشك ان الانسان يُمتحن بهذه العوارض فيرتفع ذكره ويكون ثباته مقوما من مقومات الدعوة الى الله.

فالله يحرس عباده في الأزمات مهما بلغت المخاوف وتزلزلت بالنفوس العوارض والقوارض. فيحقق بهم موعوده ويصير الايمان ايمان راسخ لاتزحزحه المحن فتستقر النفس على الجودي وترضي بالله وهي مسرورة وسط الأنواء التي تُهلك النفوس الخائرة والضلالات الفاترة.

وان المرأة لتعاني من هذه العوارض اشد من معاناة الرجل والاسباب كثيرة منها الموقف الاجتماعي عامة والظروف الملابسة له .. غير ان صلابة الايمان وتجرده ومعاونة اهل الخير –مما يسببه الله- تحفظ هذه النفوس المكرمة من الوقوع في اليأس والله تعالى يسبب الأسباب ويُقدر الحراسة ويرعى اهل الايمان ويحوطهم ويصونهم ليرتفع ذكرهم ومقامهم عند الله عز وجل وعند الناس. وقال عز من قائل" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا" وقال" وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" (الأنفال:26) وقال سبحانه" ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا " (التوبة:26) ومعلوم ان اهل التقوى يمرون بما قد يسمى بالدورة التدريبية على تحمل المشاق. (وقد اتحفنا الدكتور منير الغضبان بموسوعته التربوية المسماة" المنهج التربوي للسيرة النبوية" وهي من احسن ماظهر في التاريخ الاسلامي في تناول السيرة وتربية الصحابة رضوان الله عليهم. فلتراجع).

فهذه العوائق والعوارض ليست ثابتة لاتتغير ولاتتزحزح بل تمر كالأيام او السحاب، لكنها في النهاية تكشف عن نفوس تريد الدين لذاته فهو الهدف الرئيسي، ويظهر الدافع الذاتي من الايمان العميق، هي على أية حال عوائق ضعيفة هشة في عين المؤمن، هشة خلف السطوح وفي الأعماق لاسلطان لها على النفوس العظيمة، وهي تمثل خداعا لمن لايبصر الحقيقة، ولكن عنصر الايمان وتأييد الله وكفالته لعبده أبلغ من كل تلك العوارض الضاغطة، والمصائب المزلزلة، انه أقوى من تلك العوائق المنتفشة المتضخمة، المهيبة المظاهر، الهشة في صلبها وأعماقها. مهما بلغ سلطانها على ملايين الارواح المتهالكة التي نشاهدها صرعى المادة والطاغوت واللهو والكهنوت.

-العائق الاجتماعي داخل المجتمع الكنسي: من المعلوم ان هذا العائق هو من أكبر العوائق الذي يتراكم تأثيره داخل المجتمع المنتمى للكنيسة، ومن الصعوبة بمكان أن ينتشل عضو الكنيسة نفسه من هذه الشبكة الإجتماعية ويخرج على هذا الاخطبوط الإجتماعي الشديد النشاط والإرتباط والعنكبوتية، والمشدود الى أوهام الكهنة وخطابات الآباء المتخرصة القديمة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير