تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

نعم أخي الكريم أراك سرت على درب أقوال السلف في تبرئة الرسول من الكبائر وتجويز الصغائر، وأقول الأمر أعظم، فإذا جاء القرآن بالوعيد الشديد لمن جعله الله أمانا حتى لأعدائه (((وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ))) [الأنفال: 33]، فكيف يتوعده، ويتوعد أصحابه بالعذاب العظيم من غير مخالفة لإرادة ربه من إحقاق الحق بكلماته، وقطع دابر الكافرين لولا لطف الله الذي سبق في وعده بأن إحدى الطائفتين هي لكم؟ وما ربك بظلام للعبيد.

والعلاقة بين العبد -كائنا من كان - وربه، لا ينبغي للمرء أن يحشر أنفه فيها، فكافاه صلى الله عليه وسلم شرفا أن غفر له ربه ما تقدم وما تأخر من ذنوبه.

فإذا تحدث القرآن الكريم عن الذنب ما تقدم وما تأخر، فلسنا أرحم به من ربه، وإنما القرآن يؤكد ويبرهن بما لا يدع مجالا للشك، بأن لا عصمة مطلقة لأحد كائنا من كان.

والحالة هذه، ما أرى الكلام في هذا المجال من تجويز الصغائر أو ما استوجب التلويح بالعذاب العظيم إلا من سوء الأدب مع الله؛ لكوننا حشرنا أنفسنا فيما لا ينبغي.

نخلص من كل هذا:

كان علينا أن نتناول الأمر من زاوية سنن الله في قرآنه لنقول لا عصمة مطلقة لأحد من الخلق بناء على قوله تعالى: (((وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ))) [النحل: 61]، وأن كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.

ولتصطدم الشيعة مع هذه السنة الإلهية لنفي العصمة عن أئمتها، ومن ثم تزول قداسة أقوالهم التي بناء على القول بالعصمة اعتمدت مصدرا للتشريع. فهل قامت حجة الله على بطلان مذهبهم في القول بالعصمة المطلقة للأئمة عليهم السلام؟

وهل قامت حجة الله أيضا على السلف بالقول بتجويز الصغائر على الأنبياء، دون الكبائر، بعد أن لوح الله بوعيده للحبيب المصطفى ولصحبه بالعذاب العظيم.؟

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو نزل عذاب من السماء ما نجا منه غير عمر بن الخطاب وسعد بن معاذ" (أخرجه الطبري: 14/ 71. قال الحافظ ابن حجر في "الكافي الشاف" ص (71): "ورواه الواقدي في المغازي من وجه آخر منقطع، بمعناه، وروى ابن مردويه من حديث ابن عمر رفعه: ["لو نزل العذاب ما أفلت منه إلا ابن الخطاب"]، وانظر: الأموال لأبي عبيد ص (136 - 137). (من تفسير البغوي)

ألا ما أحوجنا لرؤية ثاقبة تنظر للأمور من زاوية سنن الله في قرآنه وكونه، حتى لا نفتر على الله الكذب. ولا ندعن لأقوال السلف ما دامت تخالف تعاليم الكتاب أو صريح السنة، ليبقى الكمال كله لله وحده لا شريك له.

غفرانك اللهم!.

ـ[ربيع أحمد سيد]ــــــــ[15 Dec 2010, 10:34 م]ـ

الأستاذ ربيع أحمد السيد؛

من يتتبع أقوال العلماء وبخاصة في تفسير المواطن التي تتحدث عن الذنوب، والوزر، والضلال والتي نسبها القرآن الكريم للحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام ليندهش أمام هذه التأويلات، واللف، والدوران، لتبرئة الرسول صلى الله عليه وسلم منها. وكأننا بصيغة أو أخرى نكذب الجليل جل جلاله، ونبرئ ساحة الرسول صلى الله عليه وسلم. وما هذه إلا محاولة السلف حمل الأقوال على محملها الحسن، دون الالتفات لما وقعوا فيه من سوء الأدب مع الله.

نعم أخي الكريم أراك سرت على درب أقوال السلف في تبرئة الرسول من الكبائر وتجويز الصغائر، وأقول الأمر أعظم، فإذا جاء القرآن بالوعيد الشديد لمن جعله الله أمانا حتى لأعدائه (((وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ))) [الأنفال: 33]، فكيف يتوعده، ويتوعد أصحابه بالعذاب العظيم من غير مخالفة لإرادة ربه من إحقاق الحق بكلماته، وقطع دابر الكافرين لولا لطف الله الذي سبق في وعده بأن إحدى الطائفتين هي لكم؟ وما ربك بظلام للعبيد.

والعلاقة بين العبد -كائنا من كان - وربه، لا ينبغي للمرء أن يحشر أنفه فيها، فكافاه صلى الله عليه وسلم شرفا أن غفر له ربه ما تقدم وما تأخر من ذنوبه.

فإذا تحدث القرآن الكريم عن الذنب ما تقدم وما تأخر، فلسنا أرحم به من ربه، وإنما القرآن يؤكد ويبرهن بما لا يدع مجالا للشك، بأن لا عصمة مطلقة لأحد كائنا من كان.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير