من هنا نستطيع أن نفهم قول د. محمود حمدى زقزوق فى تشخيصه للأوضاع القائمة فى عالم الإسلام: "يعانى العالم الإسلامى فى العصر الحاضر من أزمة طاحنة متعددة الجوانب، ففى الوقت الذى تتلاحق فيه التطورات العلمية والفكرية والحضارية فى مناطق العالم المتقدم إذا بنا نرى التخلف بكل أبعاده المادية والمعنوية والعلمية والدينية والفكرية والحضارية يخيم على العالم الإسلامى ... إننا، كمسلمين، لا نستطيع أن ننكر أن واقع الأمة الإسلامية واقع متخلف ومحزن ويدمى النفس الإنسانية، ولكن لا نستطيع أن ننكر فى الوقت نفسه أن هذا الواقع المحزن منفصل عن النموذج الإسلامى الحضارى بمائة وثمانين درجة. ولم تستطع الصحوة الإسلامية المعاصرة أن تقترب حتى اليوم بطريقة جِدِّيّة من هذه القضية المصيرية الأولى، بل ظلت حتى يومنا هذا مشغولة بمحيط الدائرة وبعض المظاهر الشكلية والأمور الهامشية، ومهتمة بالجزئيات دون الكليات، واختلط لديها سلم الأولويات، فانقلبت الضرورات هامشيات، والهامشيات ضروريات، وغابت معالم الرؤية الواضحة المتعقلة المستنيرة، وضاعت أصوات العقلاء من رواد هذه الأمة وسط ضجيج الانفعالات العاطفية التى تتصف فى بعض الأحيان بشدة حدتها وانفلات وعيها بما يدور حولها فى عالم اليوم" (د. محمود حمدى زقزوق/ الحضارة فريضة إسلامية/ مكتبة الشروق/ 2001م/ 33، 35).
والدكتور زقزوق محق تماما فى تأكيده أن "الحضارة فريضة إسلامية" كما جاء فى عنوان كتابه الذى نحن بصدده. ذلك أنه من غير الممكن أن يكون الإنسان مسلما صالحا إلا إذا كان متحضرا راقى الحضارة، لأن الحضارة الراقية، كما رأينا على مدى الفصول الماضية، هى الإسلام، والإسلام هو الحضارة الراقية. وعلى هذا فأى تقصير حضارى هو خصم من قيمة إسلام الشحص مهما زعم المزاعم وظن أنه يحسن صنعا، إذ ليس الإيمان بالتمنى، ولكن ما وَقَر فى القلب وصدّقه العمل، أى ما تحول إلى أفكار وأقوال وتصرفات وأخلاق حضارية. لكننى لا أوافق د. زقزوق رغم هذا فى قوله إن "الحضارة، بوصفها فريضة، لا تقل فى أهميتها للمسلمين فى عالم اليوم عن أى فريضة أخرى من فرائض الإسلام الأساسية مثل الصلاة والصوم والزكاة والحج، وإن العمل من أجلها يعد عبادة لله سبحانه وتعالى" (المرجع السابق/ 5)، إذ ليست الحضارة فريضة عادية بل هى فريضة الفرائض، لأنها هى الإسلام ذاته. لقد رأينا أن الحضارة تشمل العقيدة والأخلاق والعلم والعمل والذوق الرفيع. ترى ما الذى يبقى لكى يقال إن الحضارة لا تطابق الإسلام؟ إن الصلاة والصيام والزكاة والحج تدخل فى العقيدة، لأن العقيدة هنا تشمل العبادات والشرائع أيضا. وعلى هذا فإن العبادات لا تمثل من الدين ولا من الحضارة الإسلامية إلا جزءا يسيرا فقط. ومن ثم فالإسلام أكبر من أن نحصره فى العبادات، إذ هو كُلٌّ، والعبادت ليست سوى جزء من هذا الكل.
ـ[طارق منينة]ــــــــ[11 Dec 2010, 07:39 م]ـ
رجعت من العمل للتو ولما نظرت نظرة في نجوم الكلمات وحروف الدلالات وجدت مقال سيد من السادات رحمه الله وحفظه او حفظه ورحمه لاعلى طريقة المصريين في طلب الرحمة ولكن على طريقة المؤمنين في طلب الحفظ والرحمة,
لااستطيع اقرأ المقال كله الآن لكن عيني تسمرت على جمل منه بينما تريد اصابع يدي ان تتحرك بعيدا الى حين القراءة المتعلمة والقراءة المتأنية والقراءة مع كوب شاي او ماء فالامر سيان لكن القراءة للمقروء المكتوب المسطور المبذول لصاحب همة وقوة في الحق أسأل الله ان يزيده يقينا وتسديدا وسدادا
لكن العنوان غير العناوين والمقدمة غير المقدمات والقلم غير الاقلام والبيان غير البيان وهو مانحتاج اليه مع علم العقيدة ونتوق اليه للخروج من الازمة فنعرف انه لم يكن لنا دينا كالاديان وانما حضارة كونية عالمية صنعة رب ودود سمى نبيه بقصد لانه محمود بحضارته ودينه وعقيدته وعلوم دينه الدينية والنيوية فمااوسع مجال هذا الدين فهو ليس بالضيق الذي تصوره اناس ولابالمحدود الذي ظنه ناس ولابالفقير الذي عرضه ناس وانما هو الغني بكل علم الكامل بكل فقه الواسع بما جاء به من سعة علم وشمول فكر وتجوال بالانفس في الآفاق والأنفس والاكوان العلوية والسفلية
ان الاسلام هو الحضارة لو قالوا ان الحضارة عقيدة وقيم ودين وشعائر وشرائع ومدنية وتمدين وترقية وانسانية حقة.
شكرا يادكتور ابراهيم اشتقنا لمطولاتك وانتظرنا معقباتك
ـ[طارق منينة]ــــــــ[12 Dec 2010, 01:22 ص]ـ
مقتطفات من النص
وفى آية أخرى نسمع موسى عليه الصلاة والسلام يخاطب قومه معنفا لهم على ارتكاسهم فى الوثنية وعبادتهم العجل أثناء غيابه عنهم فوق الجبل للقاء ربه رغم أن المسألة لم تتعدَّ أربعين ليلة: "فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي" (طه/ 86). فإذا كانت هناك أمة ترتكس فى غضون هذه المدة الزمنية الضئيلة، فما أعظم أمة الإسلام، التى ظل رجالها، رغم عيوبهم التى لا يمكن نكرانها أو تخفيفها، قابضين فى أيديهم بكل جسارة وبراعة على مقاليد الحكم والسياسة والثقافة والدين والاقتصاد دهرا طويلا من الزمان، وبنجاح نادر، كانوا يحكمون خلالها أمما شتى وأَرَضِينَ بعَرْض الكرة الأرضية المعروفة أيامئذ، مما يضيف إلى عامل الزمن واستطالته عاملا آخر هو ترامى حدود الدولة على هذا النحو العجيب! وهذا الضعف وما يؤدى إليه من تفكك وانهيار فى نهاية المطاف يرجع إلى عوامل شتى منها الذاتى، ومنها الخارجى.
¥