تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومما يرفع حواجب الانتباه إلى حد الذهول أن الصحف الأمريكية الكبرى أصبحت ترمي بتثمينات عالية جداً للدور التغريبي الذي يقوم به الأمير خالد الفيصل –هداه الله-، بل وصل الأمر إلى أن مجلة "الفورن بوليسي" وهي المجلة الأشهر في مجال السياسة الخارجية الأمريكية، والتي أسسها هنتجتون (صاحب صدام الحضارات) قبل أربعين سنة عام 1970م، هذه المجلة التي تعكس رؤية كثير من صناع السياسات في أمريكا نشرت مقالاً تدعوا فيه إلى أن يكون الأمير خالد الفيصل هو الملك القادم بدلاً من ولي العهد والنائب الثاني! حيث تقول المجلة:

(البيت السعودي في اضطراب حول من يخلف الملك ... ، الأمير خالد الفيصل سيظهر على الأرجح كملك المستقبل، فالأمير خالد الفيصل شاعر ورسام متحمس، وصديق لولي عهد بريطانيا الأمير تشارلز، والأكثر أهمية بالنسبة للمستقبل السياسي للأمير خالد، هو أن قد ظهر كرمز محترم بين مختلف أجنحة العائلة المالكة، كما أنه قادر على قيادة المملكة بيد ثابتة إلى الأمام) [ Foreign Policy, 21/10/2010]

هذا التدخل الإعلامي الأمريكي في شؤوننا الداخلية ظاهرة مقلقة وتهدد استقرارنا السياسي، والسعوديون –بإذن الله- مهما كان بينهم من الخلاف فليسوا بحاجة إلى هذه التوصيات الأمريكية، وسيستطيع السعوديون حل مشكلاتهم والتراضي بينهم بما يحفظ لنا الأمن والاستقلال بعيداً عن دس الأمريكان أنوفهم فيما لايعنيهم.

ثم إن هذه التوصيات الأمريكية المشبوهة تدعم الرأي الذي يرى أن الأمير خالد الفيصل يسعى لكسب الكثير من الدعم الأمريكي بواسطة قراراته التغريبية.

ماسبق كان نماذج لعمالة الليبراليين السعوديين، وصيغ علاقة هؤلاء التغريبيين بالجهات الغربية الداعمة، ومستوى استقوائهم بالأجنبي؛ لكن هاهنا زاوية أخرى تحتاج لإلقاء الضوء، وهي كيف يفكر الأمريكان والغربيون تجاه علاقتهم بهؤلاء التغريبيين العملاء؟

الحقيقة أن هناك عدة دراسات وبحوث غربية يستطيع المتابع أن يستكشف من خلالها نمط التفكير الأمريكي تجاه هذه العلاقة، لكن في تقديري أن من أهم هذه الدراسات ورقة المفكر الأمريكي اللامع (جون ألترمان) المتخصص في قضايا الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية ( CSIS)، وله عناية خاصة بدراسة وتحليل (الإعلام العربي) وألف فيه كتابه المعروف (إعلام جديد، سياسات جديدة: من الفضائيات إلى الانترنت في العالم العربي) وحلل فيه عدداً من الصحف والفضائيات العربية وطبيعة التحديات الجديدة التي فرضتها. والمراد أن "ألترمان" هذا في يونيو 2004م كتب ورقة بحثية مصغرة (9 صفحات) في دورية (بوليسي ريفيو) وهي أحد أهم دوريات اتجاه المحافظين، بعنوان (الأمل الخادع لليبراليين العرب) ثم أعاد عرض نفس الفكرة مع شئ من التلخيص في صحيفة (الفايننشال تايمز) في أغسطس 2004م بعنوان (الليبراليون العرب يحتاجون الاحتضان الحذر)، وبعد عشرة أيام نشرت ترجمة المقالة إلى العربية في صحيفة النهار بإذنٍ من المؤلف.

وأي قارئ لهذه الورقة البحثية، ومختصرها؛ يكتشف أن الأمريكان لديهم حيرة شديدة في تعيين المستوى الذي يجب أن يصل إليه دعمهم لعملائهم من التغريبيين، فهم من جهة يخشون أن يتخلوا عنهم فيسقط المشروع التغريبي، ومن جهة أخرى يخشون أن يندفعوا في دعمهم فتسقط سمعة التغريبيين في مجتمعاتهم إذا اكتشفت عمالتهم! يقول ألترمان:

(يحظى الليبراليون العرب حالياً باهتمام غير مسبوق من العديد من صانعي السياسات الاميركيين، ويدعو ديبلوماسيون ومسؤولون في واشنطن ولندن وباريس وعواصم أخرى هؤلاء الليبراليين العرب إلى تناول الطعام، وأحياناً إلى شرب الخمر سوياً، وغالباً ما يحصلون على مبالغ طائلة لتمويل منظماتهم غير الربحية .. ، وهذا الاهتمام الغربي المتزايد سوف يقولب هؤلاء الليبراليين العرب باتبارهم عملاء لجهود غربية مزعومة لإضعاف العالم العربي وإخضاعه .. ، يجب ألا نتخلى عن الليبراليين العرب فالكثير منهم مقاتلون شجعان لأجل الأفكار الغربية، ومن شأن التخلي عنهم أن يوجّه اشارات خاطئة، لكن يجب ألا تجعل الولايات المتحدة كل آمالها معتمدة على نجاحهم النهائي) [ FT, 3/8/2004]

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير