تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

السفارة الأمريكية تتصل بعدد من المثقفين السعوديين تعرض عليهم تسهيلات وقروض، القنصل البريطاني يمول مركزاً سعودياً لتدريب الفتيات، طالبات في كلية أهلية سعودية ينفذ لهن برنامج للقاء بالرئيس الأمريكي وتلقي توصياته في كيفية التغيير في السعودية، مجموعة برلمانيات بريطانيات يراسلن ليبراليات سعوديات لعرض المساعدة في إلغاء اشتراط المحرم للسفر وإلغاء ولاية التزويج والطلاق ونحوها، جهة أمريكية غامضة تضغط على مجموعة (الإم بي سي) لإعادة الأستاذ عبدالرحمن الراشد لإدارة فضائية العربية، الصحافة الأجنبية توظف مقالات الليبراليين السعوديين لتشويه المجتمع السعودي وتعبئة الرأي العالمي ضده، زوجة السفير الأمريكي تدعم منتدى جدة، السفارة الفرنسية تصمم برنامجاً تدريبياً لمجموعة فتيات سعوديات، الأمير خالد الفيصل يمنح جائزة أجنبية لأنه قام بدور أكثر من المطلوب، ويعقد صفقة فكرية مع قلعة التغريب الأقدم "الجامعة الأمريكيةفي بيروت"، وترشحه دورية أمريكية نافذة كملك مستقبلي في السعودية، وباحثين أمريكيين رفيعي المستوى يحذرون من زيادة الدعم لئلا يتشوه التغريبيون في مجتمعاتهم باعتبارهم "عملاء"، وأخيراً .. خاشقجي يوصي أصحابه التغريبيين بأنه ناقش الأمريكان واكتشف أنهم غير جادين في التدخل المباشر!

هذا طبعاً جزء من الوثائق والأحداث التي انكشفت مؤخراً حول العلاقة العضوية الوثيقة بين (الغربيين) و (التغريبيين) السعوديين، دعونا نسجل عدداً من الهوامش الختامية حول هذه الظاهرة المعقدة:

يبدو لي أن أخطر نتيجة لهذه الظاهرة هي استنزال العقاب الإلهي، الذي قد يكون بحلول النقمة في الدنيا قبل الآخرة، بأن يحرمنا الله –مثلاً- من هذه النعم والبركات والخيرات التي تفجرت بها أرض هذه البلاد بسبب عدم شكر هذه النعمة، كما قال تعالى (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) [النحل، 112].

ومن أصعب نتائج هذه الظاهرة أن هؤلاء التغريبيين الذين قبلو بلعب دور "العميل" والتعاون مع السفارات والقنصليات ومراكز البحوث الغربية ضد بلدانهم؛ أنهم يمثلون خطراً أمنياً محدقاً يهدد استقرارنا السياسي، حيث أصبحوا مجسات ينفذ من خلالهم الأجنبي إلى الداخل السعودي، فهم في النهاية "أدوات للاستعمار طويل الأجل"، وهذه عادة التغريبيين في التاريخ كما لاحظ ذلك رائد العقلانية العربية الأستاذ (جمال الدين الأفغاني) حيث يقول:

(علمتنا التجارب، ونطقت مواضي الحوادث؛ بأن المقلدين من كل أمة، المنتحلين أطوار غيرها؛ يكونون فيها منافذ وكوى لتطرق الأعداء إليها) [الأفغاني، العروة الوثقى، ص59]

وهذه الظاهرة ليست جديدة على التاريخ الإسلامي أصلاً، فقد أخبرنا الله جل وعلا عن كثير ممن هم داخل المجتمع المسلم ويتعاونون مع أعدائه، كما قال تعالى (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ) [التوبة، 47]،ووضح لنا القرآن أنهم يستقوون بالأجنبي خشية على أنفسهم كما قال تعالى (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ) [المائدة، 52]، ووضح لنا القرآن –أيضاً- التركيبة النفعية/البراجماتية لهذه الشريحة، فهم يستقوون دوماً بالطرف الأقوى، وليس لديهم انتماء عقدي حقيقي لمجتمعهم كما قال تعالى (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [النساء، 141]، ونظائر هذه الآيات لا تخفى بإذن الله.

وهذه النظرة ليست خاصة بالإسلاميين، بل كل المفكرين الأحرار في كل الأمم المعاصرة يعتبرون التعاون مع الأجنبي ضد البلد (خيانة وطنية)، ومن المشاهد اليوم أن الليبراليين السعوديين يدفعون اليوم باتجاه تطبيع مفهوم الخيانة الوطنية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير