[لا يصح إلا الصحيح .. ؟!! موضوع بمنتهى الأهمية ..]
ـ[عين ثالثة]ــــــــ[23 - 03 - 2005, 05:47 م]ـ
تتعدد مواقف الحياة ..
ولكنها لا تمت في نتائجها لحالة واحدة ..
ليس لها معيار ثابت
أومقياس يمكن الاستدلال به على كل ظاهرة ..
ومع هذا تجدنا أحياناً نردد بعض القناعات وهي تشكل حالة تناقض تام لما يجب أن يكون ..
لتقريب الصورة هاكم شيء من الواقع ..
يردد البعض كل تأخيرة وفيها خيرة ..
فأين الخيرة التي يجدها ذلك المسوف المنغمس في ملذاته ..
أي خيرة يمكن أن يظفر بها من وراء تأخير إعلان توبته ..
من هنا رأيت أن يكون هذا الموضوع مسرحاً نستعرض فيه بعض القناعات أو العبارات ..
أعني تلك التي نرددها كما لو أنها صالحة كي تجرى على كل شؤون وشجون حياتنا ..
ولنأخذ هذا الموضوع مأخذ جد محتسبين فيه ثواب وأجر الدلالة على الخير ..
فالدال على الخير كفاعله ..
ولنحرص في ما نورده على الابتعاد عن الخيال وتقريب المداخلات من أرض الواقع ..
ذلك برأيي أقوى وأعى للتأثير والتأثر ..
أسأل الله عز وجل أن يهدينا للصالح من القول والعمل ..
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
ـ[عين ثالثة]ــــــــ[23 - 03 - 2005, 06:39 م]ـ
أنا ولله الحمد أقرأ فغي كتاب الله وأفضل من آخرين يمر عليهم أوقات ممتدة لم يفتح واحدهم القرآن ..
هكذا يكون رد البعض عندما يكون الحديث عن تقصيرنا مع تدبر كتاب الله ..
لكن هذا الرد برأيي يعكس حالة هروب لصاحبه من واقعه المرير ..
بل هو إعلان مضمر عن التقصير بهذا الشأن ..
هنا لا يجب أن نستسلم لهذا الرد ..
بل علينا أن نكون أكثر عزماً على نفض غبار التقصير ..
ذلك بأن يكون ردنا على صاحب القول ..
نعم أنت في نعمة لكن لماذ تنظر لمن قل حظم من كتاب الله ..
أنظر إلى أولئك النفر الذين تعلقوا بحلق القرآن ..
أولئك الذين بادروا أوقات الصلوات ليجدوا فسحة من الوقت يقرأون فيها ويتدبرون كتاب الله ..
أليس هؤلاء من يجب أن تتنافس معهم وتسابقهم ..
وليس من أخذتهم الغفلة وغرتهم حياتهم فقل حظهم من كتاب الله ..
هنا ستكون قد منحت صاحبك المفتاح السحري للتشمير نحو مزيد من الحرص والإقبال ..
دعوة بالحكمة ..
وموعظة بالحسنى ..
وجدال بالتي هي أحسن ..
هذا ما تيسر في طريق السعي نحو مزيد من المفاتيح السحرية ..
بغية شحذ الهمم وشد العزائم وتأجيج النفوس ..
فالعمر يمر ..
والأجل يدنو ..
رزقنا الله وإياكم البصيرة لتعيننا على مزيد من الدلالة على الخير ..
شاركونا بما لديكم من المفاتيح لترك الأبواب على مصراعيها للراغبين بتلمس طرق الفلاح وسبل الصالحين ..
ـ[البصري]ــــــــ[23 - 03 - 2005, 07:56 م]ـ
أثابك الله ـ أخي صاحب العين الثالثة ـ ونفع بما تكتب.
وأما ما يتعلق بما ذكرته من قولهم: كل تأخيرة فيها خيرة. فقد كتبت مشاركة في هذا الموضوع بعد عصر هذا اليوم، فقدر الله أن مسحت من جهازي قبل أن اعتمدها في المنتدى، ولا أعلم ما السبب، ولم أستطع الرجوع إليها إلا الآن، فأقول وبملء فمي وعريض خطي: رب تأخيرة تكون هي الخيرة.
وعودًا على ما ذكرتم ـ حفظكم الله ـ أقول:
لا شك أن من أصول الإيمان وأركانه التي لا يتم إلا بها ولا يقوم إلا عليها، الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره وحلوه ومره، وهو في حقيقته تسليم لأمر الله ظاهرًا وباطنًا ورضى بما كتبه اعتقادًا وقولا وعملا، ومن هنا فقد يستعجل الإنسان في تحصيل أمر أو دفع آخر، فلا يتم له ما أراد في الوقت الذي أراد، فيجد كثير من الناس لسانه ناطقًا بهذا الكلام: كل تأخيرة فيها خيرة. وقد يكون قصده أن الخير فيما اختاره الله له، وربما لجأ إلى ذلك لكيلا يأسى على ما فاته، وهنا فلا بد أن نعترف أن معه شيئًا من الصواب، لا كله، فقد يكون في التأخير فعلا خير كثير.
أما من يتعلل بهذه الكلمة؛ ليقنع نفسه بواقع سيئ يعيشه، وليمضي في لذة يقترفها، مستسلمًا للشيطان وتسويله، فهو لا شكك مخطئ كل الخطأ، إذ المبادرة بالتوبة واجب يأثم المذنب بتركه، والخير كل الخير فيها إذا كانت نصوحًا خالصة لوجه الله، مكملة الشروط. هذا من حيث النظر إلى الواقع الذي يعيشه المرء، أما لو قال ذلك بعد أن يكون قد تاب، فالظاهر أنه ما يزال معه شيء من الصواب؛ لأنه قد يكون بعد أن أسرف على نفسه بالذنوب وصل إلى طريق مسدود، وعرف كل ما ينطوي عليه اقتراف المعاصي من شر وبلاء في الدين والدنيا، فلا يعود إليها بعدئذ نجاه الله منها، فتكون هذه هي عين الخيرة فعلا، وقد يكون تأخيره واقترافه الذنوب محدثًا له انكسارًا شديدًا وخوفًا بالغًا وخشية خالصة وإنابة عظيمة، تحدث له من الأعمال الصالحة ونوافل الطاعات بعدها، ما لم يكن ليحتمله لو نشأ مسلمًا عاديًا مكتفيًا بفعل الواجبات وترك المحرمات، وهنا ـ أيضًا ـ يكون التأخير خيرة. ولا يخفى ما ذكره بعض العلماء العارفين، من أن الرجل قد يدخل الجنة بسبب ذنب اقترفه، لا لذات الذنب، وإنما لما أحدث له من انكسار في قلبه وخشية من ربه، وانطراحًا بين يديه وإنابة إليه، فاندفع إلى العمل الصالح بقية حياته، وأن الآخر قد يدخل النار بسبب طاعة عملها، فآنس في نفسه بعدها غرورًا، مدليًا بها على ربه، متكلا عليها بكلية قلبه، فتدفعه إلى ترك غيرها، حتى يطول عليه الأمد، فيقسو قلبه، وتثقل عن الطاعة أعضاؤه، ويركن إلى الدنيا ويترك العمل لآخرته.
ولست بهذا الكلام مريدًا لتهوين شأن المعصية أو غاضًا لقدر الطاعة، ولكن الكلام في المصير، الذي لا يعلم الإنسان على أي حال يكون؟ والخيرة التي لا يعلم فيم تكون؟
وعلى هذا فإن قولهم: كل تأخيرة فيها خيرة ... صواب يحتمل الخطأ، وهو في الوقت نفسه خطأ يحتمل الصواب ... وأصوب منه لو قالوا: رب تأخيرة تكون فيها الخيرة.
هذا رأي، عسى ألا أكون فيه مخطئًا جادة الصواب، وإن أخطأت فأستغفر ربي وأتوب إليه، إن ربي رحيم ودود.