[بيان إلى من يهمه أمر القرآن]
ـ[سمط اللآلئ]ــــــــ[25 - 05 - 2005, 10:24 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
’’ بيانٌ إلى من يهمُّه أمر القرآن ‘‘
قد لا أكون مُبالغاً و لا للصَّواب مُجانباً إذا قلت أنَّنا ـ معشر المسلمين ـ قد تحمَّلنا كلَّ أنواعِ العذاب، و صبرنا على كثيرٍ من المكاره في ديننا و دنيانا، و احتملنا ـ على كرهٍ و سخطٍ ـ عِيشتنا هذه؛ يلفُّنا الذلُّ، و يَغشانا الهوان، و يميناً أن لا أحداً من الأمم تحمَّل مثلها، و لو حُمِّلها لما صبرَ مثل صبرنا عليها.
لكنَّنا إن تحمَّلنا هذا الذلَّ و الهوان بصبرٍ، فإنَّنا لا نتحمَّل و لن نتحمَّل ـ و لو سُقنا إلى الموتِ، و الموتُ بالحرِّ أجدر ـ أن تمتدَّ يدُ الإهانة و التَّدنيس ـ شلّت من يدٍ ـ إلى القرآن الكريم؛ كتابنا المقدَّس و كلام ربِّنا العظيم.
و الصَّبر يُحمد في المواطن كلِّها /// إلاَّ عليك فإنَّه مذمومُ.
فقد بلغ أسماعنا و أقرح أكبادنا ما أقدم على فِعله بعض الحُثالة من الجنود الأمريكان ـ قاتلهم الله ـ من إهانةٍ للمصحف الشَّريف و تدنيسٍ له ـ هنا و هناك ـ، و هي ـ و أيم الله ـ فِعلةٌ شنعاء و جريمةٌ نكراء يتفطَّر لها قلب كلِّ مسلمٍ لمجرَّد سماعها، فكيف بمن شاهدها و عاينها، و الله المستعان.
لمثل هذا يموتُ القلب من كمدٍ /// إن كان في القلب إسلامٌ و إيمانُ
و الحمد لله الذي جعل من أهل العلم بقايا، كان منهم الإنكار الشديد و الردُّ و التَّنديد، إزاءَ هذه الدَّاهية النَّكراء و الصَّيلم الصَّلعاء، فأعلى الله لهم مناراً، و أخمد لعدوِّهم ناراً.
و ممَّا يُثلج الصَّدر و يُقرُّ العين أنَّ هذا الجُرم العظيم و المنكر الشَّنيع لم يمرَّ على الأمَّة إلاَّ و قد حرَّك منها جامداً، و أيقظ منها هامداً، وأجَّج منها خامداً، و إن كانت ردَّة فعل بعضهم لا تنكأ عدواًّ و لا تدفع صائلاً؛ لكنَّها علامةٌ على مدى غيرة المسلمين على دينهم و مقدَّساتهم؛ أن يَنتهِكها مُنتهكٌ أو يَعبث بها عابثٌ.
و ليس لنا إلاَّ أن نقول لأمريكا و لجميع أُمم الكفر ـ دمَّرها الله ـ: زرعتِ الحنظل فتجرَّعي مرارته.
فهل ـ بعد هذه السَّوأةُ التي لا تُوارى ـ نرتابُ أو نشكَّ في أنَّ ما يُعانيه العالم الإسلامي و يُقاسيه الآن ليس إلاَّ حملةً صليبيَّةً نجِسة، و هجمةً همجيَّةً شرِسة، و هذه الحروب التي تُشنُّ ضدَّنا ليست لتحريرنا بل لتدميرنا، و ليس لإفادتنا بل لإبادتنا، فهل من مدَّكر؟؟
فويلٌ للمسلمين و العرب، من شرٍّ قد حلَّ و اقترب، و من بحرٍ قد ماجَ و اضطرب، ففرُّوا إلى الله فإليه المصير و المُنقلب.
فبالأمس جاءنا بنو الأصفر بفُرقانهم المُلفَّق، ليصدُّوا المسلمين عن قُرآنهم الحقّ، و من قبلُ سبَّ جدُّهم الأكبر الذي علَّمهم الكفر رسولنا الكريم ـ عليه من الله أزكى الصَّلاة و التَّسليم ـ.
فلو كان رمحاً واحداً لاتَّقيته /// و لكنَّه رمحٌ و ثانٍ و ثالثُ.
فهل ـ بعد هذا ـ يُظنُّ أنَّ منهم الصقور و الحمائم، بل كلُّهم وحوشٌ و بهائم، و إن وفَّروا اللِّحى و لبِسوا العمائم، فإلى متى و أنت نائم؟
ثمَّ لا يأخذ منك العجبُ مأخذه ممَّا فعل الكفَّار بالمصحف الشريف؛ فالكفر في طِباعهم مَركوز، و الحِقد على الإسلام و أهله في قلوبهم مَخبوء ـ و لتعرفنَّهم في لَحنِ القول و ليكشِفنَّهم شنيع الفِعلِ ـ، و لا يعدو أن يكون فِعلهم من الزِّيادة في الكفر، ليزدادَ عليهم الوِزر ـ قاتلهم الله ـ، و لكن هل من وقفةِ محاسبةٍ، و جلسةِ مراجعةٍ عن موقفنا من القرآن و حالنا معه، و مكانته في حياتنا و مدى اعتماده في تشريعاتنا؟
فإذا كانت أمريكا قد فعلتْ فِعلتَها التي فَعلتْ، فنحن ـ معشر المسلمين ـ قد كان منَّا للقرآن هجرٌ كبيرٌ، و إن كنَّا به مؤمنين؛ هجرنا تِلاوته و سماعه، و هجرنا العمل به و الدَّعوة إليه، و هجرنا تحكيمه و التَّحاكم إليه، و هجرنا تدبُّره و تفهُّم معانيه، أقمنا حُروفه , و أضعنا حدوده، حليَّنا المصاحف و زخرفناها، و تركنا أحكامه و هجرناها.
قد كان منّا هذا و أكبر من هذا، إلاَّ من رحم الله ـ تعالى ـ؛ و قليلٌ ما هم، بل هذا القليل اهتمامه بالقرآن مشوبٌ بشيءٍ من النَّقص و التَّقصير، و النَّقص ـ مهما كان ـ مَعيبٌ، و التَّقصير ـ و إن قلَّ ـ شائنٌ.
لقد درَسَنا الغرب دراسةً وَافية، فعرفوا أن ليس لنا من دون القرآن عَافية، فاجتهدوا في صدِّنا عنه بأنواعٍ من المكائدَ مَنصوبة، و بألوانٍ من الإهاناتِ و الشتائمَ مَصبوبة.
فإلى القرآن يا أمَّة القرآن، و لنأخذ الكتاب بأقوى من السَّابق، و ليكن منّّا الرُّجوع الصَّادق و العمل الواثق.
و لنعلم جميعاً أنَّ من السُّنن الكونيَّة الثَّابتة في صراعِ الخير و الشرِّ؛ أنَّ الخير ما زال يُبتلى بالشرِّ ليزداد الخير ثبوتاً في نفسه و ثبوتاً في نُفوس أهله، و ما زال الباطل يُعارض الحقَّ ليكون حُجَّةً ناطقةً على أنَّ الحقَّ هو الحقُّ، و الباطل لا يغلب الحقَّ و إن تظاهرَ بأعوانهِ، و تكاثرَ بإخوانهِ، فمُغالبُ الحقِّ مغلوبٌ، و مُحارب الخير محروبٌ.
و كونوا حائطاً لا صدعَ فيه /// و صفاًّ لا يُرقَّعُ بالكُسالى.
و أخيراً، فقد كتبتُ هذا تنفيساً للقلم، و علاجاً للألم، و من يُطيق السُّكوت على هذا غيرَ من به العمى و الصَّمم.
جلَّ المُصاب و مُجتُ في أحزانه /// و عَجزتُ عن كظمِ الأسى و بيانهِ.
و الحمد لله ربِّ العالمين.
فريد أبوقرة المرادي
14 ربيع الثاني 1426هـ.
http://www.sahab.net/sahab/showthread.php?threadid=322652
¥