[متى كانت آخر مرة]
ـ[الطائي]ــــــــ[30 - 04 - 2005, 08:36 م]ـ
نادراً ما أجلس في مجلس فأسأل هذا السؤال فأسمع ما يسرني:
متى كانت آخر مرة قرأت فيها القرآن؟
سبحان الله، أقسم بالله لو قيل إن في وسط تلك المزبلة – أجلكم الله – سبيكة ذهب؛ لهرع الناس إليها ولأقحموا أنفسهم وسط القاذورات ولتقاتلوا على ذلك، ونظرةٌ واحدة على المصارف التي تطرح أسهم الاكتتاب كفيلة بتبيان ذلك.
قال شاعر يصف الدنيا:
وما هي إلا جيفةٌ مستحيلةٌ=عليها كلابٌ همُّهنّ اجتذابُها
فإن تجتنبْها كنتَ سِلْماً لأهلها=وإن تجتذبْها نازعتك كلابُها
وهذا كتاب الله بين أيدينا، تغفو نُسَخُهُ المباركة فوق كلِّ رفّ، بعد أن كان من يملك نسخة منه يملك ثروة عزيزة. وفي كلِّ حرفٍ تقرؤه حسنة والحسنة بعشر، إلى ما شاء الله. ونحن قوم كثيرو الذنوب، نعصي بالليل والنهار، أفَاستغنينا عن فضل الله؟!
لا والله؛ لكنه الشيطان. تدخل المسجد وتحيِّيه، ثم تهمّ باحتضان المصحف فيقول لك الثلاثة الأشرار (نفسك وهواك والشيطان): ستقوم من مقامك وتأخذ المصحف، ثم تعود إلى مكانك، ثم تهم بالقراءة فإذا الصلاة قد أقيمت، اقرأ في وقت آخر!!
ولو عصيت الثلاثة وقرأت سطراً واحداً لكتب لك من الحسنات ما الله به عليم، ولحُطَّ عنك من السيئات ما يغيظ الشيطان ويحزنه ويخزيه.
تكون في بيتك فتتوق نفسك لقراءة الذكر العظيم، فتخرج العفاريت من قماقمها تقول لك: تترك مقعدك الوثير، ثم تتجشم عناء الوضوء، وتأخذ المصحف، وتفترش مكاناً طاهراً، و .. و .. ، أرح نفسك يا رجل واقرأ في وقتٍ آخر!!
سبحان الله، ننفق الساعات في مشاهدة ما تَقِيْئُه شاشات التلفاز، وقراءة ما لا فائدة منه من المجلات والجرائد التافهة، ونتحمل في ذلك ذنوباً لا عداد لها، ثم لا تطاوعنا أنفسنا أن نمسك بذلك البلسم المبارك لنداوي ما أصاب أرواحنا من جروح!! هذا والله هو الحمق بعينه!!
وهنا شبهة قد يدخل منها الشيطان مثبِّطاً إيانا عن هذا الخير العميم:
قد يقول لك: إنك تقرأ القرآن دون تدبُّر؛ فلا فائدة من ذلك، بل قد تأثم أنك مررت على كلام ربك ساهياً لاهياً!!
والحقُّ أن لقراءة القرآن ثلاث مراتب: القراءة – التلاوة – التدبر
القراءة: مجرد التلفظ بآيات القرآن الكريم
التلاوة: القراءة مع الفهم
التدبر: أسمى المراتب وأعلاها، فهو القراءة مع الفهم والتفكّر والاستنباط ومحاولة ربط الآيات ببعضها وملاحظة السياق، وغير ذلك مما يدخل ضمن مدلول لفظة (تدبر).
وجميل أن نتدبر القرآن، ولكن إذا لم نتدبره أفلا نتلوه، وإذا لم نتلُه أفلا نقرؤه؟!
وحديث النبي صلى الله عليه وسلم الدالّ على أن كلّ حرف من القرآن بحسنة إنما كان عن القراءة (من قرأ حرفا من القرآن فله حسنة والحسنة بعشرة أمثالها لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف).
لنتعاهد أنا وأنت أيها القارئ الكريم أن نجعل لأنفسنا وقتاً محدّداً من اليوم نقرأ فيه عدداً من آيات الله، لا نحيد عن هذا الموعد ولا نؤخره ولا نؤجله، فإن كان للنفْس إقبال فهو التدبر، وإن كانت أقل إقبالاً فهي التلاوة، وإن كانت خادرة كسولة فلا أقل من القراءة.
أما الحفظ فما أجلّه وأعظمه،أي خير يحمل في صدره من يحمل شيئاً من القرآن، وأي شرف سامق يناله من كان كلام ربه مسطوراً في قلبه، وأية منزلة عالية يبلغها يوم يقال له: اقرأ وارقَ!!
قال ابن مسعود رضي الله عنه: (إن هذا القرآن مأدبة الله فاقبلوا مأدبته ما استطعتم)
اللهم اجعلنا ممن يقرؤون القرآن، ويتلونه، ويتدبرونه، ويحفظونه؛ فيقودهم إلى رضوانك ...
ـ[المهندس]ــــــــ[30 - 04 - 2005, 08:47 م]ـ
أنا أول من يؤيدك ويشد على يدك، أخي الكريم الأستذ الطائي
بارك الله فيك وجزاك خيرا
(وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)
ـ[د. خالد الشبل]ــــــــ[30 - 04 - 2005, 09:26 م]ـ
ما أشد بُعْدَنا عن كتاب الله، تلاوة وتدبرًا!
وعظتَ يا أيها الطائي النبيل، جُزيت خيرًا.
ـ[أبو سارة]ــــــــ[01 - 05 - 2005, 03:00 ص]ـ
جزاك الله خيرا على هذا التذكير
ـ[حنين]ــــــــ[01 - 05 - 2005, 04:21 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيراً.
نسأل الله أن يتجاوز عن تقصيرنا وأن يجعلنا من أهل القرآن.
اللهم آمين.
ـ[الطائي]ــــــــ[02 - 05 - 2005, 12:36 ص]ـ
إخوتي وأخواتي في الله وأساتذتي الأفاضل:
المهندس - خالد الشبل - أبو سارة - حنين
جزاكم الله خيراً، وأثابكم على ما تفضلتم به ...
الأخت الفاضلة / حصة
وأنت يا أختنا فجزاكِ الله خيراً وأجزل لك المثوبة على ما أفدتِنا به، وجعله في موازين حسناتك.
اللهم إنا نعوذ بك من أن نهجر كتابك ...
للجميع أرقّ التحايا ...