[رجل يحمل هم أمة وأمة مهمومة لرجل]
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[14 - 06 - 2005, 03:23 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي لايحمد على كل حال إلا هو، ولايحول المرء من حال إلى حال سواه، والصلاة والسلام على من بعثه ربه بالحق كالصبح إسفار، وآله وصحبه أبدا ما أشرق النهار.
لقد آلمني كما آلم كل مسلم محب للعلم وأهله ما تناقلته السطور، بدخول سفر الحوالي إلى مشفى النور، خبر تدمع له العين ويرق له القلب، ويتبين به محب أهل العلم والصلاح، ومن في ريم الغواية قد ساخ.
أدعوه بسفر الحوالي هكذا دون كنية أو لقب، فقد أصبح هذا الاسم في أذهان كثير من الناس علما على الرجولة وحراسة الفضيلة، وعلى التفكير السديد والعمل الرشيد والتضحية الصادقة، فإذا قلت سفر الحوالي فقد قلت هذا كله.
ولكن هل يسع المؤمن إلا ماقدر الحق وأمر، وهل يرد القضاء والقدر إلا الدعاء في جوف السحر، لايعلم المؤمن أي حاليه أفضل، والله رب العالمين يبتلي عباده بالسراء والضراء، ولاتعلم النعمة قدرت في أيهما، مسكين من ضن أن النعم لاتكون إلا من جنس مايتلذذ به من مطعوم ومشروب ومنكوح، فوعزة الله ماتعدى همة بهائم الأنعام، فكم لله من منحة في محنة، وكم من غرق أعقبه فرج، وكم من عطية منحت في ثوب رزية.
كم نعمة لايستقل بشكرها ... لله في طي المكاره كامنة [/ align]
فاصبر أيه المؤمن، واعلم أنك مخلوق ضعيف، لاتملك لنفسك من أمرك شيئا، فضلا عن أمر الآخرين، وماهذه الدار والله إلا كما وصفها الله رب العالمين، دارنكد وبلاء وسجن للمؤمنين، فكيف يفرح بها بعد ذلك من كان من زمرة العقلاء الفطنين، ولعلك أخي المؤمن تعرف الحديث الذي في مسلم من حديث عبد رب الكعبة عن عبدالله بن عمرو يرفعه عن سيد المرسلين، صلى الله عليه وآله وسلم أجمعين: ( ... وإن أمتكم هذه قد جعلت عافيتها في أولها وقد جعل آخرها بلاء وفتنة ... ) الحديث، وحديث أنس في السنن (لم يبق من الدنيا إلا بلاء وفتنة)، فكن من هذه الدنيا على وجل، وكن شاكي السلاح حذرا من كل زغل، وإياك من بحر الأماني فماهي إلا رأس مال من كان خبل.
إذا أبقت الدنيا على المرء دينه ... فما فاته منها فليس بضائر
وإياك ثم إياك أن تسأل أي شئ من البلاء أو تتعرض لمواطنه، فتكن كسمنون الكذاب، واسأل الله العافية في كل أمرك فهي أعظم مسألة، ولكن إذا دهتك الدواهي، وجعلت منك رجلا سباهي، فتدرع بكريم الصبر، ولاتفزع إلى غير من بيده الأمر، واعلم.
أن الرياح إذا اشتدت عواصفها ... فليس تأخذ إلا الأعالي من الشجر
وكن مع ألله في ليلك ونهارك ... ، فلا تلتفت إلا إليه، ولا تعتمد إلا عليه، ولا ترغب إلا فيما لديه، ولاتخش إلا ممن الخلق كلهم ملك يديه.
وأوصيك وصية اجعلها في نياط قلبك، أن لاتلتفت إلى غير الله في جلب نفع أو دفع ضر، فمتى ماتحقق هذا من قلبك، عشت سعيدا، وملكت الدنيا وأنت تقضم اليابس من الخبز، وغيرك يخضم الناعم من الرز، وشاهدت الدنياعلى حقيق قدرها، فعرفت منها حلوها ومرها، وعلمت خيرها وشرها.
عندها تحيا لله وتموت لله وتأكل لله وتصوم لله وتقوم لله وتقعد لله وتتكلم لله وتصمت لله وتقرأ لله وتكتب لله ... ، الله! ما أجمل أن يكون الإنسان عظيما عند نفسه عظيما عند الناس عظيما عند الله!.
قد يدرك المجد الفتى وثوبه ... خلق وجيب قميصه مرقوع
فإن فاتتك هذه المنزلة، ورأيت أنه قد حال بينك وبينها متلفة، فلم نفسك ولاتلم المطايا، وليس لك إلا حلال الرزايا، واستمطر الدمع وقل ياعين جودي، وهاتف القلب وقل ياقلب ويحك دع الهجود، واسق الثرى في هزيع الليل من فيض الدموع، وناج من يسمع النجوى وقل يارب ارحم قعودي، وهبني من جميل فضلك زادا يبلغني مراقي السعود، فإن استعصت عليك المحاجر، وكان شيمتها الصبر، ولم يكن لك عليها نهي ولا أمر،،، فلن تجد من يسعفك دمع عينه أبدا.
نزف البكاء دموع عينك فاستعر ... عينا لغيرك دمعها مدرار
من ذا يعيرك عينه تبكي بها ... أرأيت عينا للبكاء تعار
وأيم الله إني أحب الصالحين وإن كنت أظن نفسي دونهم، وأألف أهل العلم وطلابه وإن لم يكن عندي إلا القليل مما عندهم، وإنه ليؤلمنا مايؤلمهم ويؤرقنا مايؤرقهم، وإن قل أو حقر.
¥