تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لكل مايؤذي وإن قل ألم ... ما أطول الليل على من لم ينم

فكيف إن كان ممن له قدم في الحق باسقة، وكان سهما نافذا في نحر أعداء الملة الناصحة، ياطالما قام للحق وقعد، وذب عن دينه بعلمه ونفسه وما ارتعد، إنها والله لحياة كريمة إذا قد عاشها، فلانامت أعين الجبناء.

مازلت أسمع من قديم أن غامد أسفرت عن رجل كمي حليم، حمل القلم فيمن حمل، لكن حمله كان للإمضاء، فدر دره من قلم مضاء، وكم أنار الله به من بصيرة عمياء، وأماط به لثام دويهية مجلجلة صماء.

فكم لسفره العظيم ـ العلمانية ـ من سفير، وكم درأ الله به من شر خطير، ونكأ به أصعل الرأس حقير، أسفر الله به عن رؤوس الشياطين، فلم تقم لهم قائمة منذ حين، أسمع الدنيا فصالت ثم هجدت، لأن فيه حق على دفعه ما كتبت، بل أذعنت وسلمت واستسلمت.

كتب عن منهج الأشاعرة كتيب في حجمه صغير، لكن فيه مالم يكتب عنهم من قبله أي إمام خطير.

وما أنت قائل في كتاب ظاهرة الإرجاء، فلقد أربى فيه على الغاية، وكشف فيه الراية لمن رام الهداية.

فرحم الله أما در له ثديها , وأبا غذاه بحنانه وعطفه دائما أبدا، وشيخا رعاه وعلمه حتى بلغ في العلم أشده واستوى.

المجد عوفي إذا عوفيت والكرم ... وزال عنك إلى أعدائك السقم

عجب عجب، كم من قائم محروم ونائم مرحوم، كم دعوة رفعت ودمعة سكبت، الطفل الصغير يدعو والشيخ الكبير ينتحب، والكل يتضرع أن يلبسك الله حلل العافية، مع أني ماسمعت أنك نثرت عليهم درهما ولادينارا حينا، لا ياسفر فما أظن هذا كان يوما.

لكن الله قد أنطق لك الأفواه وعلق بك الآمال، فهي تدعوا لشخصك ولهذا الدين و العقيدة، بل هذه الأمة المكلومة التي رأتك تنافح عنها، ورأت فيك شيئا منها، وفيها شئ منك، فهي تراك وترى أمورا من وراك.

ومع كل ماذكرت ومالم أذكر، فبقدر ماكان هناك محب ناصح، فكم من حاسد مناطح، وللحق يالها من مزية تذكر بقول القائل:

إن العرانين تلقاها محسدة ... ولن ترى للئام الناس حسادا

وقبل أن أضع القلم أقول: أسفرلنا ياسفر عن الهم الذي كنت تحمله، فلم يبلغنا عنك أنك ممن شغلك سوق الأسهم أو العقار، نعم أيه الرجل الشهم، فما عدنا نسمع عن هذه التجلطات إلا في ميادين البورصات، ولن أشغل بالي بهم الآن، فلي منك مايشغلني , وإني لسقمك يا أبا عبدالرحيم لسقيم.

أما إن أهل الفضائل لم تتفاوت أقدارهم بالخمائل والحلل، وإنما تفاوتت لتفاوت ماتحمل من عالي الهمم، لقد ضرب الله لنا من خلقة كثير من بديع الحكم والمثل، فهاهي النباتات كان نموها مقامات، فنبتة ترضى بمسيل فضائل الخلق وما يلقى فيه من النتن، ونبتة لاترضى إلا بعرعرة الجبل الأشم ومعانقة ذرات المزن.

فلم تر أمثال الرجال تفاوتا ... إلى الفضل حتى عد ألف بواحد

ومالي لا أدع مع الداعين، فالله لكرمه يقبل الدعاء من الصالحين والطالحين، بأن يلبسك الله ثوب العافية والعلم والدين، ويقيمك تنكأ نحور المعتدين، ويا لعا لك الله من سقمك , ولا لعا الله صلب من حسدك.

وأعوذ بالله أن أحملك وزر قولي، فما أعلم إلا أنك عبد لله ضعيف بغيره، نرجوا لك ونخاف عليك، ونحسبك والله حسيبك، والدين من قبلك ومن بعدك بحفظ الله محفوظ، فلا أقول بأنا لم نعرف الدين إلا بك، لكن أقول أنك بالدين قد عرفناك، فلهذا أحببناك وأغليناك وفي قلوبنا حملناك، ولست بالمعصوم من زلة هنا أو هناك، لكنا نحسبك بالحق وللحق تقوم، فضاعت الزلة واستعصت على سباهي الفهوم.

والسلام عليك ورحمة الله وبركاته سلاما لايغادرك حتى يبرئ منك كل علة.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير