تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الشيخ الإمام العالم الكبير المحدث العلامة نذير حسين بن جواد علي بن عظمة الله بن الله بخش الحسيني البهاري ثم الدهلوي، المتفق على جلالته و نبالته في العلم و الحديث.

ولد سنة عشرين و قيل خمس و عشرين و مائتين و ألف بقريته: سورج كدها [بالكاف الفارسية] من أعمال بهار - بكسر الموحدة - و نشأ بها، و تعلم الخط و الإنشاء، ثم سافر إلى عظيم آباد و أدرك بها السيد الإمام الشهيد أحمد بن عرفان الحسني البريلوي و صاحبيه الشيخ إسماعيل بن عبد الغني الدهلوي و الشيخ عبد الحي بن هبة الله الهريانوي سنة 1237هـ، فملأ قلبه من الإيمان و غشيه نور المعرفة

[قلت: و مما يجدر بالذكر هنا أن الشيخ أحمد بن عرفان الشهيد كان قد قام بحركة إحياء السنة و الجهاد، و قد تصدى بترجمة الحركة الشيخ الندوي في كتاب سماه "إذا هبت ريح الإيمان" فطالعه ينفعك، و كذا قد ذيل الشيخ واضح رشيد الندوي سلسلة الشيخ الندوي "رجال الفكر و الدعوة" حسب وصيته، و طبع هذا الذيل الأخير قبل سنة أو أقل منها]

فسافر للعلم و أقام ببلدة إله آباد أياماً و قرأ المختصرات على أعيان تلك البلدة، ثم سافر إلى دهلي و أقام في مقامات عديدة في أثناء السفر حتى دخل دهلي سنة ثلاث و أربعين، فقرأ الكتب الدرسية على السيد عبد الخالق الدهلوي و الشيخ شير محمد القندهاري و العلامة جلال الدين الهروي، و أخذ الأصول و البلاغة و التفسير عن الشيخ كرامة علي الإسرائيلي صاحب السيرة الأحمدية، و الهيئة و الحساب عن الشيخ محمد بخش الدهلوي، و الأدب عن الشيخ عبد القادر الرامفوري و فرغ من ذلك في خمس سنين، ثم تزوج بابنة الشيخ عبد الخالق المذكور، و لازم دروس الشيخ المسند إسحاق بن محمد أفضل العمري الدهلوي سبط الشيخ عبد العزيز بن ولي الله الدهلوي، و أجازه الشيخ المذكور سنة 1258هـ حين هجرته

[قلت: و قد أنكر على هذا بعض العلماء وهو غير صحيح كما سأبينه، و ولي الله المذكور هو صاحب "حجة الله البالغة"، مسند الهند، أفرد له الندوي جزءاً من سلسلة "رجال الفكر و الدعوة" فطالعه ينفعك]

فتصدر للتدريس و التذكير و الإفتاء، و درس الكتب الدرسية من كل علم و فن لا سيما الفقه و الأصول إلى 1270هـ، و كان له ذوق عظيم في الفقه الحنفي، ثم غلب عليه حب القرآن و الحديث، فترك اشتغاله بما سواهما إلا الفقه.

و إني حضرت دروسه سنة 1310هـ فوجدته إماماً جوالا في الحديث و القرآن، حسن العقيدة، ملازماً للتدريس ليلاً و نهاراً، كثير الصلوات و التلاوة، و التخشع و البكاء، شديد التعصب على من خالفه، مداعباً مزاحماً، متواضعاً حليماً، ذا جرأة و نجدة، لا يخاف في الله لومة لائم، و رزقه الله سبحانه عمراً طويلاً، و نفع بعلومه خلقاً كثيراً من أهل العرب و العجم، و انتهت إليه رئاسة الحديث في بلاد الهند.

و كان -رحمه الله- ممن أوذي في ذات الله سبحانه غير مرّة، و اتهمه الناس بالاعتزال عن أهل السنة و الجماعة، و بالخروج على ولاة الهند، فقبض عليه الإنكليز سنة ثمانين أو إحدى و ثمانين، فنقلوه إلى راولبندي من أرض بنجاب [قلت: و هي التي تقع في أرض باكستان حالياً] فلبث في السجن سنة كاملة ثم أطلقوه، فعاد إلى دهلي و اشتغل بالدرس و الإفادة كما كان يشتغل بها قبل ذلك،

ثم إنه لما رحل إلى الحجاز سنة 1300هـ رموه بالاعتزال و بأنه يقول بحلّة شحم لحم الخنزير، و بأن النكاح بالعمة و الخالة جائز، و بأن الزكاة ليست في أموال التجارة، و هكذا رموه بما هو برئ عن ذلك، فرفعوا تلك القصة إلى والي مكة، فقبض عليه الوالي، و استنطقه و حبسه يوماً و ليلةً، ثم أطلقه، ثم إنه عاد إلى الهند بدعوه و كفروه كما كفر الناس في الزمن السالف كبار العلماء من الأئمة المجتهدين، و الله مجازيهم في ذلك، فإن الشيخ كان آية ظاهرة، و نعمة باهرة من الله سبحانه في التقوى و الديانة، و الزهد و العلم و العمل، و القناعة و العفاف، و التوكل و الاستغناء عن الناس، و الصدق و قول الحق، و الخشية من الله سبحانه، و المحبة له و لرسوله صلى الله عليه و آله و سلّم حظاً من علم القرآن و الحديث على جلالته في ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير