كان شيخاً مليح الشيبة، جميل الظاهر مسناً، أفنى عمره في قراءة القرآن، وكتابة المصاحف، وقال لي يوماً: كتبت بيدي سبعاً وتسعين مصحفاً، وقال ختمت القرآن في الأربعين [الأخير] من عمري أربعة عشر ألف ختمة، وقال سافرت عشرين سنة أتَّجِرُ، فما أعرف منزلاً نزلته إلا ختمت فيه القرآن، غير منزلين في طريق هراة وبلخ، فإني ختمت فيهما القرآن نوبتين.
... ذكر لي أنه سمع كتاب " الهداية " من أبي طاهر محمد بن علي بن توبة الزَّرَّاد الحافظ المخلدي سنة سبع وخمسين وأربعمائة، قال وسمعت " صحيح مسلم " من أبي سعد إسماعيل بن عبد القاهر الإسماعيلي، قال: وكنا نسمع " صحيح البخاري " بمرو من أبي الخير بن أبي عمران، فتوفي وبقي لنا من الكتاب شيء يسير ...
ـ•ــ•ــ•ــ•ــ•ــ•ــ•ــ
الفائدة السابعة والستون (2/ 982)
رأى نعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عند شيخه
ترجمة أبي الحسين عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي القاسم بن الحسن بن أبي عبد الله ابن أبي الحسن أحمد بن أبي الفضل عبد الواحد ابن أبي بكر محمد بن أحمد بن عثمان بن الوليد بن الحكم بن سلمان المعروف بابن أبي الحديد السلمي الخطيب
هكذا قرأت نسبه في " معجم صاحبنا "أبي القاسم الدمشقي الحافظ (1) من أهل دمشق
شيخ صالح سليم الجانب من بيت الحديث والخطابة جدُّه الأعلى أبو الحسن بن أبي الحديد من مشهوري المحدثين، حدَّث عنه مشايخنا، وأبو الحسين هذا سمع جده أبا عبد الله الحسن
سمعت منه بدمشق " أجزاء " ودخلت داره المليحة، وقرأت عليه، ورأيت نعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ معه ...
ـــــ
(1) يقصد به الحافظ ابن عساكر الدمشقي صاحب " تاريخ دمشق " والمعجم المذكور هو " معجم الشيوخ " طبع الموجود منه في مجلدين وواحد للفهارس، وقد ترافق ابن السمعاني وابن عساكر في السَّماع على عدد من المشايخ، وكان كل واحد منهما يستفيد من الآخر، وهذا معروف لكني أحببت الإشارة إليه لمن لا يعرف ذلك.
واسم الشيخ موجود في المعجم (1/ 538) رقم 664.
ـ•ــ•ــ•ــ•ــ•ــ•ــ•ــ
الفائدة الثَّامنة والستون (2/ 984)
ثبات العلماء والصلحاء عند فرار الدهماء
الصبر على بلاء الدنيا لنيل رفعة الدرجات في الآخرة
ترجمة أبي بكر عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن الحلبي الحلحولي
ولد بحلب ونشأ بها ثم انتقل إلى مصر وصحب بها الصالحين والزُّهَّاد، ثم انتقل بعد ذلك إلى دمشق وسكنها في موضع بظاهر دمشق على فرسخ منها يقال " مسجد شعبان "، وهو أحد عباد الله الصالحين والزُّهَّاد، يتكلم بكلام نافع، آثار الزُّهد والصَّلاح عليه لائحة ظاهرة.
... وكان آخر أمره أن الإفرنج نزلت على باب دمشق في سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة وحاصروها، فاتَّفق أنَّ يوما غلبت الإفرنج على باب من أبواب دمشق ورجع النَّاس، وقرب أن يخرج البلد من أيدي المسلمين، فحارب جماعة من الصلحاء والعلماء ومنعوا الإفرنج عن دخول البلد فقُتِلوا، مثل عبد الرحمن الحلحولي، وإمام المالكية الفندلاوي وغيرهما، والله تعالى يرحم الجميع ويثيبهم على ما فعلوا من بذل أرواحهم.
الرِّواية: أنشدنا عبد الرَّحمن بن عبد الله الحلحولي من لفظه في بستانه بمسجد شعبان، ولم يسم قائلا:
ألا فاصبري لخطوب الزَّمان ... وكوني على صرفه شاكره
فنقصان حظِّك في هذه ....... برجحان حظك في الآخره
وما أنت في ذاك مغبونة ....... وإن ساءك المحن الظاهره
فصفقة من باع دار البقاء ....... بدار الفناء هي الخاسره
ـ•ــ•ــ•ــ•ــ•ــ•ــ•ــ
الفائدة التاسعة والستون (2/ 990)
شيخ يكتب كتاب تلميذه ويقرؤه عليه" كتاب المذيل لابن السمعاني "
ترجمة أبي النضر عبد الرحمن بن عبد الجبار بن عثمان بن منصور بن عثمان المعدل الفامي الهروي الحافظ، من أهل هراة، ومقدَّم المحدِّثين بها.
فاضل له معرفة بالحديث والأدب، وكان حسن السيرة، دمث الأخلاق، كثير الصدقة والصَّلاة، دائم الذكر، متودِّدا، طريفا، سخي النَّفس.
كان داره مجمع الضَّيفان خصوصا من أصحاب الحديث، وكان صاحب أصول يفيد الغرباء عن الشيوخ ...
سمعت منه الكثير من الكتب والأجزاء، فمن جملة ما سمعت منه:
1 - كتاب " الجواهر " لأبي عبد الرَّحمن شكَّر الهروي ...
¥