تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تجاهل أهل السنة عن الإجازة]

ـ[عبد القوي الراشد]ــــــــ[14 - 02 - 09, 01:29 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

تجاهل بعض أهل السنة عن الإجازة ومن الأسف أنَّ تَهَاجراً " هذه الأيام" أخذ يضرب في أرض بقيعة بين ظهراني أهل السنة ليقطع وشائج أنسابهم الإسنادية نسباً وصهراً، وذلك في تغافل بغيض عن طِلْبَةِ الرواية والإجازة من أهل السنة والأثر؛ ناهيك الرُّحلة منهم لعلو السند وشرف القرب من المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فكان ماذا؟! تغيبت مجالس الرواية، وقلّت العناية في طلب الإجازة، وهكذا في غير تغافل أو تجاهل حلَّ أرضهم فساء صباح الغافلين! فكان ماذا؟! ظهور نوابت من أهل الأهواء والبدع في تبني الرواية، والإجازة، والانتساب إلى كتب السنة والأثر، ودواوين أهل العلم والملّة، فقامت بينهم سُوقُ الرِّحلة للبحث عنها والسعي وراءها. فإذا أرادها السلفي الأثري أو تطلبها هنا أو هناك؛ فلا يجدها غالباً للأسف "هذه الأيام" إلا في زوايا الطُّرُّقيَّة، ومجالس الصوفية، وبين مشايخ القوم من أهل البدع! نعم؛ فإذا انتسبت طائفةٌ اليوم من أهل السنة إلى الرواية والإجازة؛ فقد انقطعت أخرى، ومن ورائها أخرى متقاطعة! واليوم؛ من تناكد بعض أهل السنة ممن امتدت أيديهم إلى بعض صحائف الرواية والإجازة، ونالوا شرف الانتساب إلى السنة: تجدهم ضنينين بها، عسرين في بذلها، متكلفين الشرط في دفعها، وما علموا "هؤلاء المساكين" أنَّ الإجازة في أيامنا هذه رائجة مبذولة في سوق أهل الأهواء والبدع؛ فلا تكن أيها السلفي: سبباً في دفع طلاب السنة إلى جًلاب البدعة؟ وقد حصل! ومن خطيئة بعضهم " أهل السنة" أنه يخفيها السنيين الخواليا كأنه سارق لها، أو متهم فيها، فإذا سئل عنها: أزبد وأرعد، واعتذر بشروط ما هي في كتاب ولا سنة، وهكذا تبقى حبيسةً؛ حتى تدفن معه في رمسه، كما دفنها في أمسه! ومن بغيض ما هنالك، أنَّ طائفة منهم "أهل السنة" جعل من الإجازة امتحاناً للناس وتفريقاً بين أهل السنة! والناس في بذل الإجازة طرفان ووسط:

الطرف الأول: من غلا في شرطها وشدَّد، وتنطع في بذلها وندَّد، فلا يَقِيْل ولا يَسْتَقِيل، ظناً منه أن الإجازة حِجْر محجورا، ومسلك مطمورا لا ينالها إلا من بلغ رتبة الاجتهاد، أو من ظهر بعلمه وساد! وما علم هذا المسكين أنه: هو أول من خرق هذا الشرط وخالفه، لأنه لم يأتِ ببعض هذه الشروط فضلاً عن جميعها، فهل له بعدئذ أن يحمّل طُلَّاب العلم " السلفيين " ما لا يحتمله هو؟! وربما علّقها بشرط قد يتعذّر على كثير من طلبة العلم اليوم: وهو مُطالبة الطالب أن يقرأ عليه الصحيحين، أو السُّنن، أو الكتاب الذي يريد أن يُجيزه فيه، فهذا مما يتعذر على من لا يستطيع الرحلة، وقد يتعذر أيضاً على المقيم لضيق الوقت أحايين! فهذا مما لاشك أنه إجحاف وإفراط، ومفارقة لمنهج جماهير أهل العلم والرواية في شرط الإجازة! وفي الرد على من هذه حاله ألّف المسند الكبير عبدالحي بن عبدالكبير الكتاني كتاباً سماه "الردع الوجيز لمن أبى أن يجيز"

. الطرف الثاني: من فتح بابها لكل من هبَّ ودبَّ، مِنْ شَقِيٍّ وتَقِيٍّ، وعالم ومتعالم، لا يُفَرِّق بين محق ومبطل، وربما أجاز العامة، وأصحاب المعاصي الظاهرة! فهذا مما لاشك أنه إتلاف وتفريط، ومخالفة لترسيم مناهج السلف والخلف من أهل العلم والرواية!

والوسط: من توسّط في شرطها، واعتدل في بذلها لمن طلبها من أهلها، وناشدها من شُداتها، ممن سيماهم العلم والتّعلم. فهو لا يُجيز إلا أهلها من طلاب العلم، ويَفرح بهم، ويُسر بطلبهم، كما أنه يمنع من لا يستحقها من أهل البدع والأهواء. لأنه قد علم؛ أن في بذلها لمن رامها: شحذ همة، وتزكية نفس، وعلو إرادة، مما يشجع الطالب في الانخراط في زمرة أهل العلم، ويسوق الراغب إلى التأدب بآداب التتلمذ والتعليم، ويدفع الشادي إلى سموّ الرّتب، والتحلّي بأخلاق العلماء في غيرها مما يجده آخذ الإجازة، وطالب الرواية؛ ولا بدّ! فهذا لا شك أنه توسّط واقْتصاد، وما عليه السّلف والخلف من أهل العلم والرواية! فكن أيها السلفي سلفياً في شرطها، أثرياً في بذلها، وذلك بالشرط المعتبر عن أهل الحديث والأثر؟! وما زاد على شرطهم: فهو زبد فهم، ودُخُولة جهل في شرط الإجازة عند السلف، فانتبه! المرجع: الوَجَازة في الأثبات والإجازة للشيخ ذياب بن سعد آل حمد الغامدي (ص53 - 56). والمعذرة من الأخوة ما دعاني مثل هذا إلا ما وجدت من تشدد البعض فلي أخ في الله فتح الله عليه فحفظ القرآن بالقراءات العشر الصغرى والكبرى والشواذ كما في كتاب إتحاف فضلاء البشر، وحفظ الجمع بين الصحيحين وزوائد السنن الأربع على الصحيحين وقام بتدريس بعض الطلبة واختبرهم فلما طلبوا منه الإجازة قال لابد من القراءة مرة أخرى ولازال على هذا الحال فكلما طلبوا منه الإجازة في كتاب أونحوه قال لابد من قراءته عليَّ .... ، والبعض الآخر رأيته قام بتدريس طلاب فلما أن انتهى من تدريسهم رفض إجازتهم والسعيد منهم من حصل على إجازته منه بعد مرور "أغلب الظن عندي" سنتين كاملتين، والنقيض الذين تحصلوا على أجايز من بعض المشايخ وكان هدف هؤلاء المشايخ تشجيع الطلبة فإذا بهؤلاء الطلاب إذا دخلوا في نقاش زمجر وهذر وأزبد وقال أنا مجاز من فلان وفلان وما درى المسكين أن الإجازة هدفها الاتصال فقد كانت قديماً دليلاً على أن الطلاب قد قرأ وحصل وطلب العلم أما الآن صار الغالب على الإجازة هو تسلسل السند وعدم انقطاعه واقتداءً بالأئمة من أهل السنة والجماعة فإن أصب تفي اختيار الموضوع فالحمد لله وإن كانت الأخرى فالله المستعان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير