وقد طلب الشيخ من الأمير (عثمان بن محمد بن معمر أمير بلدة العينية) أن يقطع شجرة كانت تعبد في البلدة وان يهدم قبة زيد بن الخطاب رضي الله عنه فتمنع الأمير وبعد أن ألح الشيخ عليه و أقنعه فآذن له في الآخر ثم طلب إليه آن يسير هو أيضا معه فسار الأمير مع الشيخ ومعهما ستمائة فارس ولما وصلوا إلي المحل المطلوب قطعت الشجرة وهدمت القبة وكانت قرب بلدة الجبيلة فكان ذلك العمل من أخطر الأعمال التي آتاها الشيخ فلما فعل الشيخ هذا الفعل الأول اشتهر آمره، ونبه ذكره.
بدء دعوة الشيخ الإصلاحية:
بعد أن ثبت وتحقق لديه حالتهم السيئة في دينهم ودنياهم، وأيقن أنهم قد أدخلوا في أصول الإسلام العليا ما يأباه القرآن وتأباه السنة، قوى عقيدته بخطئهم وركونهم إلى البدع ما جاء في السنة بأن المسلمين لا بد أن يغيروا، وأن يسلكوا مسالك الذين قبلهم كالحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.: «لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا حجر ضب لدخلتموه. .»، وحديث «بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ». أخرجه مسلم (145) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
حينئذ صمم الشيخ أن يعلن لقومه بأنهم قد ضلوا الطريق السوي وزاغوا عن منهج الصواب.
وقد ابتدأ الشيخ رحمه الله دعوته، يبين لهم أن لا يدعى إلا الله، ولا يذبح ولا ينذر إلا له.
ومن عقيدتهم في تلك القبور والأحجار والأشجار الاستغاثة بها وصرف النذور إليها، واعتقاد النفع والضر، فبين أن ذلك كله ضلال وزور، وبأنهم في حالة لا ترضي الله، فلا بد من نبذ ذلك ورده.
وعزز كلامه بالآيات من كتاب الله، وأقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله، وسير أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين.
[الأصل الخامس]:
بيان الله سبحانه لأولياء الله وتفريقه بينهم وبين المتشبهين بهم من أعداء الله المنافقين والفجار، ويكفي في هذا آية من سورة آل عمران وهي قوله: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} {سورة آل عمران، الآية: 31}. الآية،و آية في سورة المائدة وهي قوله: {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} {سورة المائدة، الآية: 54}. الآية، وآية في يونس وهي قوله: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. الذين أمنوا وكانوا يتقون} {سورة يونس، الآيتان: 62 - 63}.
قوله [بيان الله سبحانه لأولياء الله وتفريقه بينهم وبين المتشبهين بهم من أعداء الله المنافقين والفجار] وذلك حتى لا يحصل لَبس وخلط عند عموم المسلمين بين العالم وغير العالم، وبين أولياء الله وأعداء الله، فلابد من البيان.
من هم أولياء الله؟
الولاية معناها القرب والمحبة والنصرة، قال سبحانه وتعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة:257]،
يقال ولي فلان فلاناً أي ناصره واقترب منه وأعانه، ويقابل الولاية العداوة والكره والبغضاء والبراءة.
وأولياء الله هم المتقربون إلى الله بصالح الأعمال، محبون لله ورسوله صلى الله عليه وسلم متبعون لما شرع الله بمعنى أنهم عاملون بالكتاب والسنة، كما في قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32)} آل عمران.
ومن أوصافهم أنهم أعزة على الكافرين أذلة على المؤمنين، يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون في الله أحداً،قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ
¥