تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي البيئة الإسلامية توجد معان أخرى بالإضافة إلى ما ذكر آنفاً، وقد أشير إليها في موضع آخر من هذه المقالة تمنع أن يقدر حق المؤلف فوق قدره وفي خصوص المؤلفات الشرعية توجد حقوق لله فوق حقوق الإنسانية لا مندوحة عن أن تراعى، وأن يعتد بها عند بحث حق المؤلف.

وقد أشير في الفقرتين السابقتين 2، 3 إلى أن النظام السعودي تنبه لخصائص البيئة التي يطبق فيها النظام، وظهر ذلك في صياغته الأمر الذي يوجب أن يؤخذ هذا في الاعتبار عند تفسير النظام أو تنفيذه.

د - الأصل – كما تقدم – إحسان الظن بالمسلم ولا سيما من أهل العلم بالله، وذلك يقتضي الافتراض دائماً أن مؤلف المؤلف الشرعي إنما ألفه ابتغاء وجه الله، فما لم يصرح المؤلف عن إرادته بأن قصده من تأليفه الحصول على العوض المالي عن حق التأليف أو أنه أشرك مع قصده وجه الله الحصول على العوض المالي عن المؤلف فيجب في رأي كاتب المقال أن يعتبر أن عمله واقع في الملك العام، أي في ملك الله كالصدقة والوقف.

وإذا كانت القوانين عندما تعتبر أن المؤلف واقع في الملك العام لا تسحب عليه الحماية للحق المالي للمؤلف، وإذا كانت هذه القوانين لا تقرر هذه الحماية تجاه وجوه من الانتفاع – كما نصت عليه الفقرات العشر من المادة الثامنة من النظام السعودي – لعلم واضعي تلك القوانين أن مد الحماية إلى تلك الوجوه من الانتفاع المستثناة من الحماية معوق للتقدم والتطور الدنيوي النافع للمجتمع، إذا كان الأمر كذلك فأولى أن لا تمتد هذه الحماية إلى المؤلفات الشرعية الواقعة منذ عزم مؤلفها على إنتاجها في ملك الله، والتي قصد منها هداية الخلق، وإظهار العلم المحرم كتمانه، وإذا كان لا يجوز للمتصدق العود في صدقته ولا للواقف الرجوع عن وقفه فإن المجهود الذهني الذي بذل لله أولى بأن لا يجوز لباذله الرجوع فيه فضلاً عن أن يكون ذلك لغيره وارثاً أو غير وارث.

هـ - في ضوء الفقرات السابقة فإن كاتب المقال يرى أنه من الناحية القانونية (وهي التي تتصل باختصاصه) ينبغي أن يقال: إن النظام السعودي المقرر لحماية حقوق المؤلف لا يسري على المؤلفات التي اختار مؤلفوها أن لا يسري عليها، وأنه يفترض – حتى يثبت العكس – أن مؤلفي المؤلفات الشرعية من علماء الإسلام قد اختاروا أن تخرج مؤلفاتهم عن نطاق الحماية للحق المالي للمؤلف التي يقررها النظام، واختاروا أن لا تشوه بسلطة احتكارها، وحجرها عن الانتفاع بها إلاّ بمقابل.

ومن ثَمَّ فإنه يجوز لكل أحد أن ينشر ويوزع المؤلفات الشرعية لعلماء المملكة العربية السعودية في حياتهم وبعد وفاتهم حتى ولو لم يمض على وفاتهم خمسون سنة على أن هذا لا يعني جواز الافتئات على حق المؤلف المعنوي في أن يختار أن لا ينشر مؤلفه إلاّ بعد أن يرضاه للنشر، وهذا يعني وجوب أخذ إذن المؤلف الحي في نشر مؤلفه الذي لم ينشر من قبل، أو الذي نشر ولكنه عبر عن إرادته في أن لا يعاد نشره إلاّ بإذنه، ولكن لا يجوز له في كل الأحوال أن يأخذ عوضاً مالياً عن الإذن المشار إليه ولا حق لأحد سواء كان وارثاً أو غير وارث في احتكار استغلال المؤلف الشرعي بعد وفاة المؤلف إذ أن غاية ما منح النظام الوارث أن ينتقل إليه حق مورثه، وهذا الحق المالي لم يوجد حتى ينتقل.

و - وبعد فماذا عن المؤلفات الشرعية التي عبر مؤلفوها صراحة عن إرادتهم من تأليفها أنها ألفت بغرض أن تتمتع بالحماية التي يقررها النظام للمؤلفات الأخرى و بالحق المالي الذي تنسحب عليه تلك الحماية؟

في رأي كاتب المقالة أنه من الناحية القانونية، يسري على هذا النوع من المؤلفات نظام حماية حق المؤلف، بالحماية التي يقررها، وأما من الناحية الشرعية فإن كاتب المقال يكل العلم إلى عالمه ويترك الحكم على جواز هذا القصد ونتيجته من حيث أنه يرتب حقاً مالياً محترماً شرعاً أوْ لا، لعلماء الشريعة وفُقَهائها.

تنبيهات ومناقشات

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير