تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أحدهما: يدل على أن فضل المذكور زائد على فضل من أضيف إليه أفعل فهذا يستعمل على ثلاثة أوجه ب "من" كقولك: زيد أفضل من عمر، وهذا لا يثنى ولاء يجمع ولا يؤنث، لعلة ليس هذا موضعها، وبالإضافة، كقولك: زيد أفضل القوم، وهذا لا يضاف إلى مضاف إلى ضميره، فلا تقول زيد أفضل إخوته، وبالألف واللام، كقولك: زيد الأفضل.

والوجه الثاني: أن لا يكون "أفعل" للزيادة، بل لاشتهار المذكور بالفضل وتخصيصه من دونهم، كقولك: زيد أفضل القوم، كما تقول: فاضل، وعلى هذا: يجوز أن يضاف إلى ضميره، كقولك: زيد أفضل قومه، وأحسن إخوته، أي هو الفاضل من بينهم، وهذا يثنى ويجمع ويؤنث، ومنه الفرق بين قوله: من دخل داري فله درهم، ومن دخل داري له درهم. بإسقاط الفاء، أي إنه مع إثباتها يكون ضامناً له الدرهم على دخوله، ومع سقوطها يحتمل أن يكون أخبر عنه بأنه يملك درهماً، لا أنه ضمن له شيئاً، وقال: الفرق بين "واو" مع، "واو" العطف يتبين بقولك "قم أنت وزيد" إذا رفعت "زيد" كنت آمراً لهما بالقيام، لأن حكم العطف أن يشرك بين المعطوف والمعطوف عليه في العامل، وإذا نصت كنت آمراً المخاطب أن يتابع زيداً في القيام، ولست آمراً زيداً بالقيام، حتى لو لم يقم لم يلزم المخاطب القيام، لأن هذا هو حكم "مع" لا.

معاني "لو" ووقوعها في الكلام:

ومن كلامه- ونقلته عن خط ابن الصيرفي- "لو" يقع في الكلام على ثلاثة أوجه: أحدها: امتناع الشيء لامتناع غيره.

والثاني: أن يكون بمعنى "إن" الشرطية، كقوله تعالى: "وَلاَمَة مُؤْمِنَةٌ خَير مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَثكمْ". "البقرة: 221".

والثالث: أن تكون بمعنى "أن" الناصبة للفعل المستقبل، ولكنها لا تنصب، وهو كثير في القرآن والشعر، كقوله تعالى: "ودُوا لَوْ تُدْهِن فَيُدْهِنُونَ" "التوبة: 239"، "يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِى" "المعراج: 11"، ولا يجوز أن يكون للامتناع، إذ لا جواب لها، ولأن "وَدّ" لا تعلق عن العمل؛ إذ ليس من باب العلم والظن ولأن "أن" قد جاءت بعدها صريحة في قوله تعالى: أَيَوَدُ أَحَدُكُمْ أَنْ تكونَ لهُ جَنَّةٌ" البقرة: 266"، وإنما لم تنصب، لأن "لو" قد تعددت معانيها، فلم تختص، وجرت مجرى "حتى" في الأفعال. والقسم الأول يرد في اللغة على خمسة أوجه.

أحدها: أن تدل على كلام لا نفي فيه، كقولك: لو قمتَ قمتُ، ويفيد ذلك امتناع قيامك لامتناع قيامه.

والثاني: أن تدخل على نفيين، فيصير المعنى إلى إثباتهما، كقولك: لو لم تزرني لم أكرمك، أي أكرمتك لأنك زرتني، فانقلب النفي ههنا إثباتاً، لأن "لو" امتنا، والامتناع نفي، والنفي إذا دخل على النفي صار إيجاباً.

والثالث: أن يكون النفي فيما دخلت عليه دون جوابها، كقولك: لو لم تشتمه لأكرمك، فالشتم واقع، والإِكرام منتفٍ، والامتناع أزال النفي، وبقي الإيجاب بحاله.

والرابع: عكس الثالث، وهو قولك: لو أحسن إليك لم تسيء إليه، والمعنى معلوم.

والخامس: آن تقع للمبالغة، فلا تفيد مفادها في الوجوه الأُول، كقول عمر رضي الله عنه "نعم العبد صهيب، لو لم يخف الله لم يعصه"، والمعنى: أنه لو لم يكن عنده خوف لما عصى، فكيف يعصى وعنده خوف. ولو لم يرد المبالغة لكان معنى ذلك: أنه يعصي الله، لأنه يخافه.

24 - سليمان الطوفي الصرصري ثم البغدادي، الفقيه الأصولي، المتفنن، (صاحب البلبل):

شيعي ويمدح الامام أحمد، هذا من الغرائب:

وله نظم كثير رائق، وقصائد في مدح النبي صلى الله عليه وسلم، وقصيدة طويلة في مدح الإِمام أحمد. وكان مع ذلك كله شيعياً منحرفاً في الاعتقاد عن السنة، حتى إنه قال في نفسه:

حنبلي رافضي أشعري هذه أحد العبر

ووجد له في الرفض قصائد، وهو يلوح في كثير من تصانيفه، حتى إنه صنف كتاباً سماه "العذاب الواصب على أرواح النواصب".

ومن دسائسه الخبيثة: أنه قال في شرح الأربعين للنووي: اعلم أن من أسباب الخلاف الواقع بين العلماء: تعارض الروايات والنصوص، وبعض الناس يزعم أن السبب في ذلك: عمر بن الخطاب، وذلك أن الصحابة استأذنوه في تدوين السنة من ذلك الزمان، فمنعهم من ذلك وقال: لا أكتب مع القرآن غيره، مع علمه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اكتبوا لأبي شاه خطبة الوداع"، وقال: "قيدوا العلم بالكتابة". قالوا: فلو ترك الصحابة يدون كل واحد منهم ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم لانضبطت السنة، ولم يبقَ بين آخر الأمة وبين النبي صلى الله عليه وسلم في كل حديث إلا الصحابي الذي دون روايته، لأن تلك الدواوين كانت تتواتر عنهم إلينا، كما تواتر البخاري ومسلم ونحوهما. فانظر إلى هذا الكلام الخبيث المتضمن: أن أمير المؤمنين عمر رضي اللّه عنه هو الذي أضل الأمة، قصداً مهْ وتعمداً. ولقد كذب في ذلك وفجر.

ثم إن تدوين السنة اكثر ما يفيد صحتها: وتواترها. وقد صحت بحمد الله تعالى، وحصل العلم بكثير من الأحاديث الصحيحة المتفق عليها- أو أكثرها- لأهل الحديث العارفين به من طرق كثيرة، دون من أعمى اللّه بصيرته، لاشتغاله عنها بشبه أهل البدع والضلال. والاختلاف لم يقع لعدم تواترها، بل وقع من تفاوت فهم معانيها. وهذا موجود، سواء دونت وتواترت أم لا. وفي كلامه إشارة إلى أن حقها اختلط بباطلها، ولم يتميز. وهذا جهل عظيم.

وقد كان الطوفي أقام بالمدينة النبوية مده يصحب الرافضة: السكاكيني المعتزلي ويجتمعان على ضلالتهما، وقد هتكه الله، وعجل الانتقام منه بالديار المصرية.

تم الفراغ من ذيل الطبقات آخر ليلة الجمعة من تاريخ 10 - 3 - 2006

والحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير