ومنها الطمأنينةُ بذكرِ اللهِ: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (الرعد: 28).
ومنها السكينةُ والوُقارُ: (فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا) (الفتح: 18).
ومنها شِدَّةُ التَّعَلُقِ باللهِ: ودَوَامُ ذِكرِهِ، واطمئنانُ القَلْبِ بذلك: والاهتمامُ بصِحَةِ العَمَلِ بِتَصْحِيحِ النِّيَّةِ، وتَحْقِيقِ المُتَابَعَةِ،
مظاهرُ مَوتِ القَلْبِ، وضياعِه وفسادِه: كما أنَّ هُناكَ مَدى الحياةِ في القلب علاماتٌ، كذلك هناك علاماتٌ تدلُ على موتِ القَلبِ، وفسادِهِ نسألُ اللهَ العَافيةَ، فَمَنْ تِلْكَ العَلَامَاتِ قِلَةُ الانْفِعَالِ في الرغائبِ، وقلةُ الإشفاقِ والرحمةِ، فقلوبُ أهلِ المَعَاصِيْ معرضةٌ عن كتابِ اللهِ وسُنَّةِ رَسولِه، فهي مُظلمَةٌ بَعِيدَةٌ عن الحَقِّ لا يَصِلُ إليها شيءٌ مِنْ نُورِ الإيْمَانِ، وحَقائقِ الفُرقَانِ.
ومنها إيثارُ الدُّنْيَا على الآخِرَةِ: كما في حديث جابر رضي الله عنه (تكونُ فتنةٌ يموتُ فيها قلبُ الرَّجُلِ، كما يَموتُ فيها بَدَنُهُ، يُصبِحُ مُؤْمِناً، ويُمسِيْ كافراً، أو يُمسِي مُؤْمِناً، ويُصْبِحُ كافراً، يَبيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنيَا).
ومنها حُبُّ الشَّهَواتِ (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) (الكهف: 28).
(وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (القصص: 50).
ومنها شدةُ الغَفلةِ، ومنها هوانُ القَبائحِ عليهِ، والرَّغْبَةُ في المَعَاصِيْ، ومنها عدمُ إنكارِ المُنْكَرِ، فانْ كانَ القَلبُ لا يَعْرِفُ مَعروفاً، ولا يُنكِرُ مُنْكَراً، نَكَسَ فَجَعَلَ أعلاهُ أسفَلَهُ.
ومنها انحباسُ الطبع، وضيقُ الصدرِ، والشُّعورُ بالقَلقِ، والضيقُ بالناسِ قال تعالى: (وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ) (الأنعام: 125).
ومنها عدمُ التأثرِ بآياتِ القُرآن، ومنها عدمُ التأثرِ بالمَوعِظَةِ، عامةً وبالموتِ، ولا رؤيةِ الأمْوَاتِ خَاصَّةً.
ومنها تكاسلٌ عنْ أعمالِ الخَيرِ: (وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ) (التوبة: 54).
ولله دَرُّ العَلامَةِ الشيخِ مُحمد بن عَتِيقِ، حينما قال قصيدةً لَهُ بِهذا الشأنِ: هذهِ بعضٌ منْ أبْيَاتِهَا:
فيا أيُّها البَاغِي استنارةَ قلبِه تَدَبَّرْ كِلَا الوَحْيَيْنِ وانقدْ وسَلِما وعينُ امتراضِ القَلبِ فقدُ الذِي لَهُ أرِيْدَ مِنَ الإخْلَاصِ والجِدِ فاعْلَما ومُوثِرُ مَحْبُوبٍ سِوَى اللهِ قَلبُهُ مَرِيضٌ على جُرُفٍ مِنَ المَوتِ والعِمَىْ فجامعُ أمراضِ القلوبِ اتباعُها هَواهَا فَخَالِفْهَا تَصح وتَسْلَما أمْرَاضُ القُلوبِ على نَوعَينِ:
1) أمراضٌ شُبهةٌ:وهذا أشدُّ أنواعِ المَرَضِ، وما ذاك ألا لكَثْرَةِ الشُّبهاتِ في عَصرِنَا الحَاضِرِ، مابينَ تَياراتِ فِكْرِيَةٍ ضَآلةٍ، صارَتْ تُشغِلُ النَّاسَ مِنْ عِلْمانِيَةٍ، وقَوْمِيَةٍ، واشتراكيةٍ وشُيوعِيَةٍ، ومَمارساتٍ إعْلامِيَةٍ على مُستوى العالمِ الإسلامِيِّ اليومَ، تَبُثُ الشُبَهَ وتُشَكِكُ بالثوابتِ، فالمسلمُ اليومَ كالقَابِضِ على الجَمْرَةِ، من كثرةِ المُعارضين، وكثرةِ الفِتَنِ المُضِلَةِ، فتنُ الشُبهاتِ، والشُكُوكِ والإلحادِ، وفِتنُ الشَّهَواتِ، حيث يَتَرَتَبُ على كثيرٍ مِنْ هذه الفتنِ اعتقادُ غيرِ الحَقِّ المُفْضِيْ إلى مَرَضِ القَلْبِ، بل موتِه أحياناً كثيرةً عياذاً باللهِ.
علاماتُ مرضِ القلبِ بالشُّبهةِ:
ذَكرَ العُلماءُ جُمْلةً مِنَ العَلامَاتِ تَدُلُّ دلالةً واضحةً على مَرَضِ القَلْبِ بالشُّبُهَاتِ، ويَنْبَغِيْ لِمَنْ وجدَ في نفسِه أيَّ علامةٍ منْها أنْ يُسارِعَ إلى مُعَالَجَةِ قَلْبِهِ.
¥