تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لهم الشيطان ماكانوا يعملون. فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون. فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين) [الأنعام:43 وما بعدها]

الوصية الثالثة: إلى المفتين في فقه المعاملات المالية:

وأكتفي في هذه الوصية بما أوصى به الأستاذ هيثم حداد - وفقه الله تعالى- هؤلاء المفتين في مقاله النفيس (أزمة المال دعوة لمراجعة منهجنا الفقهي) اقتطف منه بعض المقتطفات بشيء من التصرف وإعادة الترتيب، يقول حفظه الله تعالى:

(يكاد يجمع أولئك الغربيون الكفار الذين تكلموا عن الأزمة أن أهم أسبابها هو ما يعرف عند الاقتصاديين بصناعة المال، Creation of money أي صناعة مال وهمي، وهذا هو أسس النظام الاقتصادي الربوي الحالي الذي يمسك بزمامه البنوك، بل إن تاريخ إنشاء البنوك – كما هو معروف – يرجع إلى هذه الفكرة التي يقوم البنك من خلالها بإقراض أموال تفوق ما يملك حقيقة بشكل كبير جداً.

وتأمل أخي القارئ في تاريخ جميع الهزات أو الكوارث الاقتصادية التي ضربت بقاع شتى من العالم تجدها ترجع إلى هذا السبب مع السبب الآخر. الربا. بل إن الضربات التي تلقتها أسواق المال – في العالم الإسلامي – بدءاً من سوق المناخ الكويتي إلى أسواق أسهم السعودية ترجع إلى هذا السبب ...

ومما زاد المأساة عمقاً أن اتجاه عدد من المشايخ وطلبة العلم – لا سيما بعد أحداث سبتمبر – هو اتجاه التسويغ والإباحة، وحشد الأدلة لذلك أو محاولة الالتفاف عليها بالتقاط ما يناسبهم من أقوال الفقهاء والتلفيق بينها، وتكرس هذا النهج عند كثير من المشتغلين في فقه المعاملات المالية، بل ربما ارتفعت أصوات بعضهم في النكير على من استصحب الكليات الاقتصادية، والكليات المقاصدية في باب المعاملات المالية، عند الحديث عن آحاد المسائل التجارية، والاقتصادية، والمالية، فكان ينظر بتوجس لهذه الأدوات المالية الحديثة، وينظر بتوجس أكبر تجاه تطبيقات ما يسمى بالبنوك الإسلامية لها ...

وكل مهتم بشأن الاقتصاد الإسلامي يدرك أنه ثمة اتهامات كثيرة توجه إلى الاقتصاد الإسلامي، حتى أن البعض يتهمه بأنه حيلة وخداع، وبعيداً عن هذا الجدل، إلا أننا نقر بان كثيراً من القطاعات المصرفية الإسلامية ليس لها من الاقتصاد الإسلامي إلا الصور الشكلية أو الأسماء المنحوتة، بدءاً من الاقتصاد الإسلامي، وانتهاء بأسماء المنتجات الأخرى. أما المضمون والمحتوى فإنه بعيد كل البعد عن روعة وجلال هذا النظام الرباني الفريد، لكن السؤال الأهم هو من الذي "غلف" تلك المنتجات غير الإسلامية، بغلاف إسلامي، ومن الذي سوغ ذلك؟ لا شك أن كل منتج إسلامي لا يكتسب هذا الاسم إلا إذا تترس خلف بعض " أسماء العلماء " أو الأسماء العلمية المعروفة على الساحة الاقتصادية الإسلامية، فهي التي أصدرت تلك الفتاوى التي تنص على مطابقة هذا المنتج أو ذلك للشريعة الإسلامية، وهذه الثلة من العلماء اتبعت نهجاً علمياً في تناول أحكام هذه المعاملات أدى إلى بروز هذا الخديج، والذي سمي إسلامياً، ولا يتسع المجال لبيان معالم هذا النهج، لكن من أهم أسسه، التنقيب عمن قال بالجواز، تلفيق الأقوال، النظر إلى جزئيات المسائل دون كليات المسألة، سيطرة الرغبة في الإباحة خوفاً من الاتهام بالتشدد، محاكاة النظم والمنتجات الغربية وهكذا، وأهم مثال على هذا هو تساهل كثير من العلماء وبالتالي المنتجون لأدوات الاستثمار أو الإقراض الإسلامية في مسألة القبض الحقيقي، فالمرابحة – والتي لا يكاد يخلوا منها منتج أو معاملة إسلامية – أصبحت صورية، شكلية تخلوا من أي قبض حقيقي، زعماً بأن بعض أقوال المذاهب توسعت في مسألة القبض، ومعاملات الأسهم جلها يعتمد على تجاوز قضية القبض، مع أن جل هؤلاء الشرعيين يصنفون الأسهم على أنها جزء مشاع من الشركة، ولا أظن أحداً من إخواننا المتجرين بالأسهم يظن أنه قد امتلك يوماً من الأيام جزءاً من الأصول الثابتة لشركة ما ...

إن التقابض مع أهميته هذه فقد بدأ كثير من المشتغلين بالاقتصاد الإسلامي والإفتاء التساهل في مراعاة أحكامه. وتشريعه معجزة ربانية ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير