تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الإمام بالنحنحة وغير ذلك، وربما اجتهد أحدهم، فقال: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة:153] وجهر بها .. ونحو ذلك، أو قعقع بمفاتيحه، وكل هذا مخالف لآداب الصلاة وحضور المساجد. إن قال قائل: ما معنى قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة:9]؟ فقد تقدم الكلام بأنه لا يكون معناه الإسراع والعدو مطلقاً، وإنما المعنى: سرعة المبادرة والاجتهاد في الحضور، على أن النبي عليه الصلاة والسلام ربما أسرع لصلاة الكسوف بالذات، قام مسرعاً إليها فزعاً أن تكون الساعة قد قامت .......

من آداب المسجد: الذهاب إليه ماشياً

ومن آداب حضور المسجد: أن يذهب ماشياً، وأبعد الناس منزلاً أعظمهم أجراً، والسنة مقاربة الخطا وعدم المباعدة بين الخطوات، مقاربة الخطا لتكثر حسنات الماشي، قال عليه الصلاة والسلام: (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط) رواه مسلم. وقال: (إن أعظم الناس أجراً في الصلاة أبعدهم إليها ممشى)، ففي هذه الأحاديث دليل على فضل المنزل البعيد عن المسجد لحصول كثرة الخطا، وكثرتها تكون ببعد الدار، وتكون بكثرة التردد إلى المسجد. وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: (كان رجل لا أعلم رجلاً أبعد من المسجد منه، وكان لا تخطئه الصلاة، فقيل له: أو قلت له: لو اشتريت حماراً تركبه في الظلماء وفي الرمضاء، قال: ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد، إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد، ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد جمع الله لك ذلك كله) رواه مسلم. إذاً: الأجر ليس بالمجيء إلى المسجد فقط، بل حتى تعود إلى البيت أيضاً، فبالأولى تمحو خطيئة، والأخرى ترفع حسنة، كما جاء في صحيح مسلم في المشي إلى بيتٍ من بيوت الله، لصلاة الفريضة من فرائض الله (بشر المشائين إلى المساجد في الظلم بالنور التام يوم القيامة) والأجر لهم إن شاء الله حتى بعد اختراع الكهرباء وإنارة الشوارع في الليل؛ لأن الأصل أن هاتين الصلاتين في ظلمة الليل تصليان. والإتيان إلى المسجد فيه فوائد صحية، ولا بد أن يحتسب الإنسان الأجر قبل الفوائد الصحية، ولكن يظهر أثر هذا على من كان يمشي، فهذا شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين، يمشي يومياً كما أخبرني الشيخ عبد الله بن جبرين عنه، يقول: يمشي يومياً ثمانية كيلو متر يعني من بيته إلى المسجد، قال الشيخ عبد الله بن جبرين: ولذلك صحته جيدة، فعدونا مرة معه في المسعى بين العلمين الأخضرين، فسبقنا جميعاً وهو في السبعين من عمره! أي: يتضح فيه بجلاء قضية أثر المشي إلى المسجد .......

من آداب المسجد: عدم تشبيك الأصابع

ومن آداب الحضور إلى المسجد: عدم التشبيك بين الأصابع، والدليل على ذلك: ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا توضأ أحدكم في بيته، ثم أتى المسجد، كان في صلاة حتى يرجع، فلا يفعل هكذا .. وشبك بين أصابعه) رواه الدارمي والحاكم. وكذلك جاء عن أبي ثمامة الحناط، أن كعب بن عجرة أدركه وهو يريد المسجد، فقال: فوجدني وأنا مشبك بيدي في الطريق إلى المسجد؛ فنهاني عن ذلك، وقال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه، ثم خرج عامداً إلى المسجد، فلا يشبكن يديه فإنه في صلاة) رواه أبو داود وصححه الألباني. وهذا النهي عن التشبيك علله بأنه في صلاة، فلا يليق وهو في صلاة أن يشبك بين أصابعه، وهذا النهي عن تشبيك الأصابع حال المشي إلى المسجد للصلاة. قال الخطابي رحمه الله: تشبيك اليد: هو إدخال الأصابع بعضها في بعض والاشتباك بهما، وقد يفعله بعض الناس عبثاً، وبعضهم ليفرقع أصابعه عندما يجده من التمدد فيها، وربما قعد الإنسان فشبك يبن أصابعه واحتبا بيده يريد الاستراحة، وربما استجلب به النوم؛ فيكون ذلك سبباً لانتقاض طهره، فقيل لمن تطهر وخرج متوجهاً إلى الصلاة: لا تشبك بين أصابعك، لأن جميع ما ذكرناه من هذه الوجوه -على اختلافها- لا يلائم شيء منها الصلاة ولا يشاكل حال المصلي. إذاً عرفنا أن من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير