تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم نظرت في الأمر فرأيت أن نشر نقد الجزء الأول كله يقتضي أن أتوجه إلى نقد بقية أجزاء الكتاب الخمسة وهذا يتطلب مني سعة من الوقت والفراغ، وهذا مما لا سبيل إليه ولا يمكن الحصول عليه، ولذلك فقد بدا لي أن اكتب كلمة جامعة عن الكتاب ألخص فيها رأيي فيه، وأحصر فيها أنوع الأخطاء التي وردت فيه مع ضرب أمثلة لكل نوع منها حتى يكون القاريء الكريم على بينة مما أقول فيه.

والله تعالى يشهد أنه ليس لي غرض من وراء ذلك إلا نصح الأمة وخدمة السنة وتطهيرها من الأخطاء التي قد تلصق بها باجتهاد خاطيء أو رأي غير ناضج.

أسأل الله عز وجل أن يلهمني الصواب في القول والعمل، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم.

إن الأخطاء الواردة في (التاج) من الكثرة بحيث لا يمكن إحصاؤها في هذه الكلمة، ولذلك فإني أقتصر فيها على ذكر رؤوس هذه الأخطاء وأهمها، فأقول، وبالله أستعين:

أخطاء (التاج) بالجملة

يمكن حصر الأخطاء المشار إليها على الوجه الآتي:

1 - تقويته للأحاديث الضعيفة والموضوعة.

2 - تضعيفه للأحاديث القوية، وهذا النوع والذي قبله أخطر شيء في (التاج).

3 - نقله الأحاديث من كتب أخرى غير الأصول الخمسة التي ألف كتابه منها وخاصة في التعليق عليه، فإنه ينقل فيه ما هب ودب من الحديث، مما لا أصل له البتة في كتب السنة، أو له أصل لكنه منكر، أو موضوع دون أن ينبه عليها، أو يشير أدنى إشارة إليها!

4 - سكوته عن تضعيف الحديث، مع أن من عزاه إليه قد صرح بضعفه أو أشار إليه! وليس هذا من الأمانة العلمية في شيء!

5 - عزوه الحديث إلى أحد أصحاب الأصول الخمسة وهو لم يخرجه!

6 - تقصيره في تخريج الحديث، فإنه يعزوه لأحد أصحاب الأصول وهو عند سائرهم أو بعضهم وقد يكون من أصحاب الصحيح، وهذا عيب كبير عند أهل الحديث كما هو واضح.

7 - إطلاقه العزو إلى البخاري، وهو يفيد عند أهل العلم أنه عنده في صحيحه، وليس الحديث فيه، بل في غيره من كتبه كخلق أفعال العباد وغيره التي لا يتقيد فيها البخاري بالحديث الصحيح بخلاف كتابه " الجامع الصحيح " الذي اشترط أن يورد فيه أصح ما عنده، فيوهم المؤلف أن الحديث في " الصحيح " وقد يكون غير صحيح!

8 - إطلاقه العزو للصحيحين وهو يفيد عندهم أنه عندهما متصل الإسناد منهما إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، والواقع أنه عندهما معلق بدون سند فيوهم المؤلف بذلك أنه صحيح مسند، وقد يكون صاحب الصحيح قد أشار لضعفه، فتأمل كم في هذا الإطلاق من البعد عن الصواب! وقد يطلق العزو إلى غير الصحيحين أيضاً، وهذا أيسر، إلا إذا أشار لضعفه وسكت عليه المؤلف!

9 - قوله في الحديث الذي رواه أبو داود ساكتاً عليه " إسناده صالح " فيوهم بذلك القراء الذين لا علم عندهم باصطلاحات العلماء أنه صالح حجة أي أنه حسن أو صحيح، كما هو الاصطلاح الغالب عند العلماء، وهو المتبادر من هذه اللفظة (صالح)، مع أن فيما سكت عليه أبو داود كثيراً من الضعاف، ذلك لأن له فيها اصطلاحاً خاصاً، فهو يعني بها ما هو أعم من ذلك بحيث يشمل الضعيف الصالح للاستشهاد به لا للاحتجاج كما يشمل ما فوقه، على ما قرره الحافظ ابن حجر، فما جرى عليه بعض المتأخرين من أن ما سكت عليه أبو داود فهو حسن، خطأ محض، يدل عليه قول أبي داود نفسه " وما فيه وهن شديد بينته، وما لم أذكر فيه شيئاً فهو صالح، وبعضها أصح من بعض " فهذا نص على أنه إنما يبين ما فيه ضعف شديد، وما كان فيه ضعف غير شديد سكت عليه وسماه صالحاً، من أجل ذلك نجد العلماء المحققين يتتبعون ما سكت عليه أبو داود ببيان حاله من صحة أو ضعف، حتى قال النووي في بعض هذه الأحاديث الضعيفة عنده: " وإنما لم يصرح أبو داود بضعفه لأنه ظاهر " ذكره المناوي، وعليه كان ينبغي على المصنف أن يعقب كل حديث رواه أبو داود ساكتاً عن ضعفه ببيان حاله تبعاً للعلماء المحققين، لا بأن يتبعه بقوله " صالح " وإن كان ضعيفاً بين الضعف دفعاً للوهم الذي ذكرنا، ولأنه لا يفهم منه على الضبط درجة الحديث التي تعهد المؤلف بيانها بقوله المذكور في مقدمة كتابه " كل حديث سكت عنه أبو داود فهو صالح " وسأتبع ذلك في بيان درجة ما رواه بقولي: بسند صالح " وليس في قوله البيان المذكور، لما حققته آنفاً أن قول أبي داود يشمل الضعيف والحسن والصحيح، فأين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير