تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولذلك بعض العلماء لما يضع عنوان على حديث أبو هريرة باب (الفهم في العلم) أورد فيه حديث أبو هريرة في الصحيحين قال فيه أن النبي ? قال:" خرجت المرأتان على زمان داود عليه السلام، كل امرأة معها ولد أي طفل فجاء الذئب فعدا على أحد الولدين وأكله واختصمت المرأتان على الطفل الباقي، كل واحدة منهما تقول هذا ولدي لما اختصمتا إلى داود- عليه السلام- قضى به للمرأة الكبرى،لأن القرائن كلها الظاهرة أن هذا الولد ابنها لأنها تبكي وتصرخ ويظهر عليه أنها متوجعة والمرأة الثانية تقف كالأسطوانة لا تتحرك، وفي بعض الناس الحزن يقتله فلا يظهر عليه أي أثر، لا يبكي ولا يتفجع ولا يتكلم بأي قول، يقف هكذا مصمت، بسبب شدة الحزن آخر الشوكة تجعله يصرخ حتى تسمعه الدنيا كلها ,فلما قضى داود عليه السلام بالولد للمرأة الكبرى، فلما خرجتا لقيتا سليمان فاشتكت المرأة الصغرى إلى سليمان- عليه السلام- وقالت إن أباك قضى بهذا لهذه وهو ولدي، فقال سليمان– عليه السلام-: "ائتوني بسكين أقسمه نصفين"، كل واحدة تأخذ نصفه، فحينئذٍ صرخت المرأة الصغرى وقالت لا أريده، أعطه لها، لأنه لما يقول أنا سأقسم الولد نصفين وكل واحدة تأخذ نصف، لن يتفجع على الولد في الحقيقة إلا الأم، فهذا من باب الفهم في العلم.أنا ممكن يكون عندي الدليل نحن كبشر بعيدًا عن الأنبياء ولا نحسن فهم الدليل ,ولذلك قال تعالي:? وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ? (وحتى لا يظن ظان أن عدم الفهم في مسألة جزئية يلحق النقص بالإنسان قال الله- عز وجل-: ?وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ? (الأنبياء:79).

الرجل الفاضل قد تفوت عليه المسألة فيدركها من هو أقل منه:، كما حكيَ أن امرأة جاءت إلى عمر بن الخطاب- رضي اله عنه- وقالت:"يا أمير المؤمنين أن زوجي يصوم النهار ويقوم الليل، قال لها: بارك الله لك فيه، فانصرفت المرأة فقال له قائل من الجلوس يا أمير المؤمنين إنها تشتكي زوجها،"_ وأظنه شريح القاضي _ فقال: قم وأنت قاضي أهل البصرة أو أهل الكوفة " حكم على فهم من يقول له بهذه المسألة قال له أنت تصلح أن تكون قاضيًا، لأن القاضي لا يحتاج فقط إلى العلم الظاهر بل يحتاج أن يتصرف فيما عنده من الأدلة، وهذا بطبيعة الحال إنما يكون بالتجربة.

أبو عبيد القاسم بن سلاَّم صاحب الكتاب الشهير غريب الحديث وهو من طبقة أحمد بن حنبل ويحي بن معين، وكان إبراهيم بن إسحاق الحربي إذا ذكر أبا عبيد يقول: (جبل نفخ فيه الروح) وهذا أعلى درجات التزكية، جبل نفخ فيه الروح، قال: كنت أذهب إلى أن الجالس المتمكن إذا نام لا يعيد الوضوء لأن النبي ? يقول:" العينان وكاء السهِ " طالما أن الإنسان جالس ومتمكن يمكن أن يكون متحكم في مسألة الريح فأبو عبيد يوم الجمعة جالس بجانب الإسطوانة العمود، ورجل يجلس متمكن ثم أخرج ريح فقال له أبو عبيد قم توضأ، فجعل الرجل يقسم أنه لم يفعل شيئًا من ذلك فغير أبو عبيد مذهبه بسبب هذه الواقعة وذهب إلى ما ذهب إليه جماعات من أهل العلم إلى أن النعاس قليله وكثيره ينقض الوضوء.

فانا أريد أن أقول ونحن بين يدي هذه الخواطر للإمام أبي الفرج بن الجوزي -رحمه الله تعالي- في كتابه صيد الخاطر، وطبعًا كتاب صيد الخاطر واضح من العنوان أنه يصطاد إذا مرَّ بخاطره شيءٌ يستحق أن يسجل فيسجله وأنا ندمت كثيرًا أنني لم أسجل خواطر كثيرة مرت بي، احتجت إليها فندَّت عن ذهني وكانت المعاني فيها رائقة ,بن الجوزي يقول أنه فرط فيما مضي من الزمان ثم انتبه إلى هذا الأمر فبدأ كلما خطر عليه شيء يسجله، وهذه كانت عادة أهل العلم.

فعادة أهل العلم كلما مرَّ عليه شيء ذي بال سجله: يقول محمد بن أبي حاتم الوراق عن الإمام البخاري- رحمه الله- الذي كان ينسخ له كان يقول: (ربما استيقظ في الليلة ثلاثين مرة يسجل شيئًا ثم يطفئ المصباحشيء يخطر بباله) كما قال بن عقيل الحنبلي (أنه لا يحل لي أن أضع ساعة من عمري حتى إذا كلَّ لساني عن مناظرة وبصري عن مطالعة استطرحت، فأعمل فكري حال استطراحتي فلا أقوم إلا وقد خطر لي ما أسطره،) حتى في استطراحته يعمل فكره، هؤلاء هم الذين شغلوا الزمان، واستغلوا الأعمار الشيء الأخير: أنبه عليه وهو أنني كثيرًا ما أذكر حكايات قيلت لي فبعض الناس قد يلومني، يقول لي أنا أحكي لك الحكاية وأنت تقصها على الناس أنا لا أقول ما اسمه ولا قلت أين بلده، هذا مثل ما بال أقوام، والنبي? لما كان يقول " ما بال أقوام يقولون كذا وكذا " كان يعني أناسًا بأعينهم، جاء جماعات إلى بيوت النبي- ? يسألوا عن عمله ? فكأنهم تقالوها، والحديث أنتم تعرفونه، قال أحدهم أما أنا فأصوم ولا أفطر وقال الثاني وأنا أقوم ولا أنام، وقال الثالث وأما أنا فلا أتزوج النساء فلما بلغ النبي? هذا الكلام قال الصلاة جامعة وجمع الناس وقال: " ما بال أقوام يقولون كذا وكذا "، الذين قالوا كذا وكذا هم أناس بأعينهم , فعندما أحكي حكاية ربما حدث تشابه ما بين حكاية الحاكي وحكاية حاكٍ أخر، لكن على أي حال أنا ما ذكرت اسمه أصلاً ولا قلت هو من أي بلد حتى يقال لي لما قلت، إنما أقول هذا الكلام من باب التجربة.

انْتَهَي الْجُزْء الْأَوَّل مِن الْدَّرْس الْأَوَّل

http://www.alheweny.org/aws/play.php?catsmktba=268 (http://www.alheweny.org/aws/play.php?catsmktba=268)

المادة الصوتية للدرس الأول

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير