تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يا طالب العلم , اقصد البحر وخلِّ القنوات , (1: قراءة الشروح)

ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[30 - 05 - 08, 12:16 م]ـ

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً وبعد:

فكثيراً ما يشرع طالب العلم في قراءة كتاب ما فإذا ما قطع فيه شوطاً لا بأس به أخذت الهواجس والمعوقات تلوح في خاطره و تراوده وتحثه على ترك قراءة الكتاب والمواصلة فيه بأعذار كثيرة أغلبها ليس بمقنع.

أليست هذه مشكلة ينبغي لأهل العلم والتربية الوقوف عندها وإيجاد الحلول لها والمقترحات؟

فإن الطالب بهذا التردد والنكوص يفقد وقتاً ثميناً صرفه في غير ما يفيد , وهوى في دركات الإحباط والتخبط العشوائي , إضافة إلى كون قد استثقل القراءة والاطلاع , و حدثت فجوة بين الطالب وبين الكتب.

أليست قراءة بعض المسائل من الكتاب أفضل من ترك الكتاب كله دون قراءة؟

لعلي أذكر سبباً من هذه الأسباب:

غالباً ما تكون مقدمات الكتب وممهداتها محبوبة إلى النفس خصوصاً إن كان الفنِّ مما يرغبه الطالب ويميل إليه فيقرأ في المقدمة وأسباب تأليف الكتاب ثم التمهيد ثم إن أتى إلى التعريفات و تفسيرها وذكر قيودها أصابه الملل والسآمة وأحب أن لو تجاوزها , ولكن نفسه لا تقبل ذلك وتريد أن تقرأ الكتاب كله أو تتركه كله.

وهذا في حقيقة الأمر مشكلة , لأن الطالب في هذه الحال قد يركن الكتاب سنين عدداً ولا يعود إليه.

وهو معلوم ومجرب وأظن أن كثيراً منّا قد مرت به هذه الحال, ويعظم هذا الشيء ويكبر إن كان شرحاً لمتن من المتون , حينما يأتي الشارح إلى المتن فيذكر التعريف اللغوي والاصطلاحي و يذكر القيود والمحترزات ثم يقارن بين هذه المعرَّفات وبين أشباهها ونظائرها ويذكر الخلاف والأقوال , فيضيع القارئ ويتشتت ذهنه ولا يتمسك من ذلك بشيء فينقطع عن القراءة.

وهنا لنا أن نتساءل هل نحن بحاجة إلى الإغراق في قراءة هذه التعريفات التي غالباً ما تكون في مقدمات الشروح وذلك كالكلام على معنى الحمد والشكر والفرق بينهما والنسبة بينهما وهل الحمد أعم أو الشكر أعم وهل عمومهما مطلق أو وجهي؟ ثم بعد ذلك يأتي تعريف النبي والرسول والفرق بينهما ثم تعريف الآل والخلاف في ذلك وهل الصحابة داخلون في معنى الآل أو لا؟

لا شك أن هذه المسائل مهمة وينبغي للطالب أن يحيط بها ولكنها ليست مقصودة لذاتها في هذه الكتب ولذلك تجد جلّ شروح المتون ـ على اختلاف فنونها ـ تتعرض لهذه المسائل.

فإن أراد طالب العلم قراءة شرح في علم التوحيد وجد هذه المسائل في أول الكتاب ثم إن أراد قراءة كتاب في الفقه وجدها أيضاً وهكذا في علوم التفسير والحديث واللغة بل حتى المنطق.

وهو مع كل ذلك لم يثبت على جادة واضحة وقد أضاع وقتاً كثيراً في قراءة هذه التعريفات.

والاقتراح في ذلك أن يجمع هذه المسائل في كراس خاص ويضيف إليها كل ما يستجد له خلال قراءته في الكتب والشروح , ثم يتجاوز هذه المسائل ـ التي أحاط بها وجمعها ـ ويجعل تركيزه على العلم المقصود من تأليف الكتاب.

وهذه الطريقة أرى أنها مناسبة جداً وتقلص الجهد على الطالب.

والقول في الكتب كالقول في الدروس العلمية التي تُشرح فيها الكتب.

أليس الأولى بالمعلم إذا أراد أن يشرح متناً من المتون أن يجعل اعتناءه بالمقصود من تأليف المتن أصالةً , بدلاً من أن يعيد ويكرر.

وأضرب لذلك مثالاً:

فمن أراد أن يشرح متن زاد المستقنع سيجد في أوله البسملة ثم الحمدلة ثم الصلاة على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأصحابه , والمتن كما هو معلوم في فن الفقه الحنبلي فإذا شرع الشارح في تفسير معنى البسملة والكلام على المتعلق المحذوف وتقديره ثم الكلام على لفظ الجلالة وتفسيرها وتفسير الرحمن والرحيم والفرق بينهما ثم تفسير الحمدلة إلى آخر ذلك وقد يستغرق الكلام على هذه الأمور درساً أو درسين.

فالطالب الذي حضر الدرس يريد أن يتعلم الفقه ولم يأت لمعرفة هذه المصطلحات وأين هذه التعريفات من علم الفقه الاصطلاحي؟

وأعظم من ذلك إذا أخذ الشارح في الكلام عن أسباب اختيار بعض الألفاظ دون بعض وأسباب تقديم هذا اللفظ على هذا وأسباب اختياره الجملة الاسمية دون الفعلية أو العكس بما لم يخطر على بال الماتن.

ولست أقصد بكلامي أحداً من العلماء حاشا وكلا , فكلٌ له وجهة وطريقة , والعلماء ما تكلموا على هذه المسائل إلا لأهميتها , فبإمكان الطالب أن يرجع إليها عند الحاجة , أما أن يقرأها في أكثر من كتاب ويقف عند كل صغيرة وكبيرة ممن مسائها فهذا سيصيبه بالملل والسآمة.

إن تجاوز المعلم لهذه المصطلحات و قراءته لها قراءة يستشعر فيها الثناء على الله بما هو أهل والتبرك بالبداءة باسمه الكريم والصلاة على رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أكثر فائدة من تفكيك هذه العبارات والمقارنة بينها , إلا إن كان الطلبة بحاجة إلى معرفة هذه الألفاظ ودلائلها.

أذكر أن طالباً مبتدئاً قال لي: كلما أردت أن أقرأ شرحاً لمتن الأصول الثلاثة وجدت في أول الكتاب مسائل لغوية حاولت أني أفهما فلم أستطع فمكثت في أول الكتاب أياماً ثم انقطعت عن القراءة.

فقلت له: يا أخي الكريم أنت تقرأ كتاباً مختصراً في توحيد الألوهية وما يتصل به فاحرص على فهم مسائل الكتاب المقصودة ثم بعد ذلك إن أردت أن تفهم ما في المقدمة من تعريفات فاقرأ الكتاب على أحد العلماء يوضح لك ما استشكلته.

والله أعلم. [/ SIZE]

[email protected]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير