تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقبل أن أختم هذا الجزء من البحث أود أن أذكر أنَّ في المعاجم العربية أسماء مواضع كثيرة مشتقة من البحر من أشهرها البحرين وهي ـ قديماً ـ "موضع بين البصرة وعُمان"، (الفراهيدي)، غير أن الموضع الأهم الذي يجلو عنه غبار النسيان هو أن البحرة أو البحيرة اسم للمدينة المنورة، يقول ابن منظور:

"البحيرة مدينة سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي تصغير البحرة، وقد جاء في روايةٍ مكبراً".

وفي المعاجم أيضاً أسماء أعلام كثيرة يقول ابن دريد: "وقد سمت العرب بَحِيراً ـ وبُحَيْراً وبحراً وبنو بحري بطن منهم وقد سمت العرب يبحرة ـ ه الياء زائدة وهو مأخوذ من التبحر والسعة".

ومن أسماء العرب أيضاً: "بُحُر ـ بَحَر ـ بيحر ـ يبحر ـ بحره ـ بحران". (11).

ومن الأعلام المشهورين: عمرو بن بحر الجاحظ ـ وأبو بحر صفوان بن إدريس الأندلسي صاحب كتاب زاد المسافر وكذلك أبو بحر يوسف بن عبد الصمد (12)، الذي رثى المعتمد بن عباد.

وإن تغلغل لفظة "بحر" في أسماء المواضع والأعلام لهي من الدلائل على معرفة العرب البحر.

5 ـ دراسة في تقاليب الجذر "بحر":

تحاول هذه الدراسة الحاضرة الغور على تقاليب الجذر بحر وتطبيق عليها ما أطلق عليه ابن جني اسم الاشتقاق الأكبر، وليس من شك في أن هذه النظرية غير مطردة في جذور اللغة جميعها كما يدرك صاحبها ذلك (13)، غير أنه مما دفعني إلى تطبيقها هو أنها من دلائل عظمة لغتنا وأنها قد تبرز خصوصية الجذر بحر وأن عالماً هو الكفوي (ـ 1094هـ)، يؤكد انطباق هذه النظرية وتحققها في الجذر بحر، يقول: "البحر: كل مكان واسع جامع للماء الكثير فهو بحر، ثم سموا كل متوسع في شيء بحراً وفي تقاليبه معنى السعة" (14)، وبعد الدرس وتنخل معاني السعة، من هذه الجذور رتبتها حسب تطابقها مع معنى السعة واقترابها منه: ـ

آ ـ الرحب:

والمعنى الأساسي في هذا الجذر هو الاتساع، يقول ابن دريد: "والمكان الرَحْب: الواسع، وكذلك الرحيب والرحبة بتسكين الحاء وفتحها ـ الفجوة الواسعة بين دور وغيرها"، ويقول ابن فارس في المقاييس "الراء والحاء والباء أصل واحد يدل على السعة".

ب ـ البرح:

ولهذا الجذر عدة معان منها الاتساع والشدة، وقد يؤول هذا الأخير "بلطف الصنعة"، بمعنى الاتساع في الشيء.

أما المعنى الأول فيقول الفارابي: "البراح: ما اتسع من الأرض"، ويقول الجوهري " البراح بالفتح: المتسع من الأرض، لا زرع فيه ولا شجر"ويقول ابن منظور: "وأرض براح واسعة ظاهرة لا نبات فيها ولا عمران".

وأما المعنى الثاني: فيقول الأزهري:"فإن اشتدت الحمى فهي البرحاء، والبرحاء: الشدة والمشقة، وقال الأصمعي: أبرحت: بالغت لؤماً وأبرحت كرماً: أي جئت بأمر مفرط". ويقول الجوهري: "تباريخ الشوق: توهجه".

ويقول ابن فارس:"والباء والراء والحاء: أصلان يتفرع عنهما فروع كثيرة فالأول الزوال والبروز، والثاني الشدة والعظم وما أشبهها".

وعلى هذا فالجذر برح يطابق الاتساع في المعنى الأول له، ويقترب منه في معنى، الاشتداد والمبالغة والإفراط، أي اتساع الشيء وازدياده.

ج ـ الحبر:

قد تفرد الخليل بالإشارة إلى معنى الاتساع في قوله: "المِحْبار الأرض الواسعة"، ومن معاني الحبر: العالم: يقول الخليل: "الحِبْر والحَبْر: العالم من علماء أهل الدين وجمعه أحبار ذمِّياً كان أو مسلماً بعد أن يكون من أهل الكتاب"، وقال ابن منظور: "وكان يقال لابن عباس: الحبر والبحر لعلمه".

وأحسب أنه لو تناول ابن جني هذا المعنى لرده بيسر إلى معنى الاتساع في العلم.

د ـ الربح:

قال ابن فارس:"الراء والحاء والباء واحدة، يدل على شف في مبايعة"، والشف هو الفضل والربح والزيادة وقال ابن سيده: "الربح والرّبح"، النماء في التجر، وقال الحميري: "الربح: الزيادة". فهل يمكن القول: ربح أي اتسع في المال؟ ...

هـ ـ الحرب:

قال الفارابي: حرب "اشتد غضبه".

وقال ابن فارس: "والحرب معروفة واشتقاقها من الحرب وهو الهلاك، ولعلي لا أستطيع هنا سوى أن أهمس: هل يمكن القول: حرب أي اتسع في الغضب. أو أن الحرب هي اتساع المشاجرة أو العراك.

6 ـ دراسة في حروف الجذر "بحر":

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير