التواق ابنه، ومن قال جُبَّة ٌ خَلَقٌ قال في التثنية جبتان خَلَقان وجبات أخلاق في الجمع قال أبو العباس أنشدني أبو العالية: (من أصحاب الأصمعي كان ممن يحضر مع ثعلب مجالس الفراء)
كفى حزناً أني تطاللتُ كي أرى= ذُرى قُلَّتي دَمْخٍ فما تريانِ
كأنهما والآل يجري عليهما= من البعد عينا بُرقعٍ خَلَقانِ
وتطاللت تطاولت والذرى جمع ذروة وهو أعلى شيء والقلة أعلى الجبل ودمخ جبل
فذكر خلقان للعلة التي تقدمت
والجِدُّ بكسر الجيم ينقسم على قسمين:
يكون الجد الانكماش قال أبو بكر قال أبو العباس أنشدني الزبير بن أبي بكر (هو الزبير بن بكار عالم بالأنساب وأخبار العرب توفي سنة 256 هـ):
ولما رأينا البينَ قد جَدَّ جِدُّهُ= ولم يبقَ إلاّ أنْ تزولَ الركائبُ
مررنا فسلَّمنا سلاماً مخالساً=فردَّت علينا أعينٌ وحواجبُ
ويكون الجد الحقّ كقولك جِد في الجِدِّ ودع الهزلَ قال الشاعر:
هزلتْ وجدَّ القولُ فاحتجبتْ= فبقيت بين الجِدِّ والهزلِ
ومن ذلك قولهم في القنوت (ونخشى عذابَكَ إنَّ عذابك الجدَّ بالكفارِ مُلْحِقٌ): معناه إنّ عذابك الحقّ ومنه قولهم هو عالم جِداًّ بكسر الجيم معناه هو عالم حقّاً حقّاً والعامة تُخطى ء فتفتح الجيم وأنشد الفراء للمقنع الكندي:
إنَّ الذي بيني وبينَ بني أبي= وبينَ بني عَمِّي لمختلفٌ جِدّاً
والوجه الثالث: قول الناس ولا ينفع ذا الجِدّ منك الجِدّ بكسر الجيم قال أبو بكر قال أبو عبيدة: هو خطأ لأن الجد الانكماش والله عز وجل قد دعا الناس وأمرهم بالانكماش في طاعته فقال: " قد أفلح المؤمنونَ الذينَ هم في صلاتِهم خاشعونَ) (المؤمنون 2) وقال: " يا أيها الرسلُ كلوا من الطيباتِ واعملوا صالحاً " (المؤمنون 51) وقال: " إنَ الذين آمنوا وعملوا الصالحاتِ إنّا لا نضيعُ أجرَ مَنْ أحسنَ عَملاً " (الكهف: 30) قال أبو عبيد ولا يجوز أن يأمرهم بالانكماش ويدعوهم إليه ثم يقول لا ينفعهم انكماش. قال أبو بكر ولا أظن الذين رووا هذا بكسر الجيم ذهبوا إلى المعنى الذي أنكره أبو عبيد ولكنهم أرادوا ولا ينفع ذا الانكماش والحرص على الدنيا، انكماشه وحرصه عليها إنما ينفعه العمل للآخرة.
والجُدُّ بضم الجيم البئر القديمة الجيدة الموضع من الكلأ قال زهير
أثافيَّ سُفْعاً في مُعَرَّسِ مِرْجلٍ = ونُؤْياً كحوضِ الجُدِّ لم يَتَثَلَّمِوقال الآخر وهو طرفة:
لَعَمرُك ما كانت حَمولُة مَعْبَدٍ =على جُدِّها حربا لدينِكَ من مُضَرْ ويقال رجل جُدٌّ بضم الجيم إذا كان له جد في الناس