تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[اللغة العربية والعولمة (الحلقة الثالثة)]

ـ[عمر عتيق]ــــــــ[17 - 10 - 2007, 07:47 م]ـ

[اللغة العربية والعولمة (الحلقة الثالثة)]

واقع اللغة الانجليزية \\ واقع اللغة العربية بين الأنا والآخر (الحلقة الثالثة) د. عمر عتيق

ولما كانت اللغة الانجليزية هي اللغة المنافسة للغة العربية و يسعى أصحابها إلى تتويجها على عرش اللغات الأخرى لتكون اللغة الوحيدة للعلم والفكر والمعرفة فانه من المفيد أن نقف على واقع اللغة الانجليزية وعلى جهود أصحابها وترحيب تابعيها وتصفيق محبيها وتوجس القابضين على لغتهم في زمن الجحيم الأمريكي.

يتمثل الهدف المستقبلي للعولمة بتحويل العالم إلى قرية كونية بمواصفات أمريكية ولا بد لهذه القرية من لغة مشتركة للتواصل التقني والثقافي "وإذا تحول العالم إلى لغة مشتركة فإن هذه اللغة ستكون الإنجليزية بطبيعة الحال وهي لغة الاقتصاد والبحث والتكنولوجيا وإذا كان يتحرك بمعايير مشتركة في مجال الأمان والنوعية ... فستكون هذه المعايير أمريكية ... أما القيم فتكون قيما يرتاح لها الأمريكيون ... هذه ليست مجرد تطلعات لا جدوى منها فاللغة الإنجليزية تربط العالم في مجالات الاتصالات والمواصلات" (20) واللافت في انتشار الانجليزية هو سيطرتها على الشبكة العنكبوتية " فحسب الإحصاءات الأخيرة نجد أن 88 بالمائة من معطيات الإنترنيت تبث باللغة الإنجليزية مقابل 9 بالمائة بالألمانية و2 بالمائة بالفرنسية و7 بالمائة يوزع على باقي اللغات" (21)

يجسد ما تقدم الإجراءات الوقائية والدفاعية التي اتخذتها الدول المشار إليها لحماية لغاتها القومية ومواجهة اللغة الانجليزية التي تسعى إلى بسط نفوذها في أوطان اللغات الأخرى، فماذا نحن فاعلون تجاه لغتنا التي أصبح حماها مباحا في غير مكان من الوطن العربي وفي غير مجال؟

ينبغي أن نعاين اللغة العربية من منظور الأنا من جهة بهدف الكشف عن المصا لحة الذاتية مع اللغة وما يعتريها من مواقف مشبعة بالجهل والتآمر والانسلاخ عن جسد اللغة الأم ومن منظور الآخر من جهة أخرى بهدف بيان موقف الآخر من اللغة العربية. واللافت في هذين المنظورين أن كليهما ينطوي على مفارقة، فمعاينة اللغة العربية من منظور الأنا تشكل ثالوثا،ففريق يدعو إلى " التغريب والارتماء في أحضان اللغة الأجنبية الغربية، وحجّة أصحابها في ذلك أنّها اللغة المتطوِّرة، والحاملة للواء التقدّم والازدهار، والمحتوية للحضارة الراقية" (22) و " فريق الأصالة الذي يدافع عن لغة عصور الاحتجاج، وقد يتناول ويقبل بعصر احتجاج جديد في اللغة مصطلحا ومعجما ... ويوجد إلى جانب الفريقين طائفة ثالثة تؤثر التوفيق والاعتدال، وتنادي بالمصالحة بين الماضي والحاضر وتصرُّ على التمسّك بالهوية والأصالة، دون أن تنسى أنّها تعيش في عصر العلم والحاسوب والصورة، وغير ذلك من منتجات التكنولوجيا" (23) أما الفريق الأول – دعاة التغريب اللغوي والثقافي – فهم نتاج الشعور بالدونية أمام التفوق التقني للآخر وهم الذين يجهدون أنفسهم لإخفاء عقدة النقص بعباءة الآخر وهم الذين تخلوا عن الموروث الحضاري والثقافي"و مما لا شك فيه أنّ العولمة تجد طريقها في مجتمعات مفرَّغة من الأصالة والجذور التاريخيّة؛ لأنَّ المخزون الثقافي لهذه المجموعات ضحلٌ، ولا يمكنه تسخير الفكر العالمي لمصلحته القومية، بالتفاعل الصحيح في مختبرات وطنية سليمة من الشوائب والتشويش. (24)

وليت دعاة التغريب يقصرون شغفهم باللغة الانجليزية على السياقات التقنية والعلمية ولكننا نسمع في كثير من الأحيان ألفاظا ومصطلحات من أناس أذهانهم من العلم خواء ومن عموم الثقافة براء " إذ عمد الكثير من الأفراد وبعض المتحذلقين من المثقّفين في السنوات الأخيرة إلى دسّ المفردات والتراكيب الأجنبية في عربيتهم دون حاجّة ملحة أو ضرورة علمية أو فنيّة. إنّهم يفعلون ذلك تحذلقا أو إعلانا عن فوقية مصطنعة، أو إظهارا لاتِّساع الثقافة وتنوّعها تنوّع ما تكنّفوه من عناصر، لا يدري أكثرهم ما مصدرها، ولا يدركون معانيها الدقيقة، ولا يجيدون نطقها؛ بل يمسخونها مسخا، إنّهم يلوِّكونها بألسنتهم، ويلوون أعناقها، فتخرج من أفواههم مغلوطة غير ذات نَسب صحيح بهذا الأصل أو ذاك" (25) ألا تحتاج هذه الفئة المتحذلقة إلى تشريح نفسي لمعرفة أسباب

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير