[إطلاق لفظ المفرد مع إرادة الجمع]
ـ[أبو سهيل]ــــــــ[23 - 10 - 2007, 05:14 ص]ـ
يقول صاحب أضواء البيان
"الذي يظهر لي من استقراء اللغة العربية التي نزل بها القرآن: هو أن من أساليبها أن المفرد إذا كان اسم جنس , يكثر إطلاقه مراداً به الجمع؛ مع تنكيره، وتعريفه بالألف واللام، وبالإضافة.
1 - فمن أمثلته في القرآن مع التنكير
قوله تعالى {إِنَّ المتقين فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ} [القمر: 54] أي وأنهار بدليل قوله تعالى {فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ آسِنٍ} [محمد: 15] الآية.
وقوله {واجعلنا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان: 74] أي أئمة.
وقوله تعالى {فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً} [النساء: 4] الآية أي أنفسا.
ً وقوله تعالى {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ} [المؤمنون: 67] أي سامرين.
قوله تعالى {لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ} [آل عمران: 84] أي بينهم.
وقوله تعالى {وَحَسُنَ أولئك رَفِيقاً} [النساء: 69] أي رفقاء.
وقوله تعالى {وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فاطهروا} [المائدة: 6] أي مجنبين أو أجناباً.
وقوله تعالى {وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4] أي مظاهرون.
ومن أمثلة ذلك مع التنكير في كلام العرب:
قول عقيل بن علفة المري:
وكان بنو فزارة شرّ عم ... وكنتُ لهم كشر بني الأَخينا
يعني شر أَعمام.
وقول قعنب ابن أم صاحب:
ما بال قوم صديق ثم ليس لهم ... دين وليس لهم عقل إذا ائتمنوا
يعني ما بال قوم أصدقاء.
وقول جرير:
نصبن الهوى ثم ارتمين قلوبنا ... بأعين أعداء وهن صديق
يعني صديقات.
وقول الآخر:
لعمري لئن كنتم على النأي والنوى ... بكم مثل ما بي إنكم لصديق
وقول الآخر:
يا عاذلاتي لا تزدن ملامة ... إن العواذل ليس لي بأمير
أي لسن لي بأمراء.
2 - ومن أمثلته في القرآن واللفظ مضاف:
قوله تعالى {أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَّفَاتِحهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ} [النور: 61] أي أصدقائكم.
وقوله {فَلْيَحْذَرِ الذين يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور: 63] أي أوامره.
وقوله {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ الله لاَ تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34] أَي نعم الله.
وقوله {إِنَّ هَؤُلآءِ ضَيْفِي} [الحجر: 68] الآية: أي أضيافي.
ونظير ذلك من كلام العرب:
قول علقمة بن عبدة التميمي:
بها جيف الحسرى فأما عظامها ... فبيض وأما جلدها فصليب
أي وأما جلودها فصليبة.
وقول الآخر:
كلوا في بعض بطنكم تعفوا ... فإن زمانكم زمن خميص
أي بطونكم.
وهذا البيت والذي قبله أنشدهما سيبويه في كتابه مستشهداً بهما لما ذكرنا.
ومن أمثلة ذلك قول العباس بن مرادس السلمي:
فقلنا أسلموا إنا أخوكم ... وقد سلمت من الإحن الصدور
أي إنا إخوانكم.
وقول جرير:
إذا آباؤنا وأبوك عدواً ... أبان المقرفات من العراب
أي إذا آباؤنا وآباؤك عدواً، وهذا البيت، والذي قبله يحتمل أن يراد بهما جمع التصحيح للأب وللأخ، فيكون الأصل: أبون وأخون فحذفت النون للإضافة، فصار كلفظ المفرد.
ومن أمثلته جمع التصحيح في جمع الأخ بيت عقيل بن علفة المذكور آنفاً، حيث قال فيه: كشر بني الأخينا. ومن أمثلة تصحيح جمع الأب قول الآخر:
فلما تبين أصواتنا ... بكين وفديننا بالأبينا
3 - ومن أمثلة ذلك في القرآن واللفظ معرف بالألف واللام:
قوله تعالى: {وَتُؤْمِنُونَ بالكتاب كُلِّهِ} [آل عمران: 119] أي بالكتب كلها، بدليل قوله {كُلٌّ آمَنَ بالله وملائكته وَكُتُبِهِ} [البقرة: 285] الآية، وقوله {وَقُلْ آمَنتُ بِمَآ أَنزَلَ الله مِن كِتَابٍ} [الشورى: 15]
وقوله تعالى {أولئك يُجْزَوْنَ الغرفة بِمَا صَبَرُواْ} [الفرقان: 75] أي الغرف بدليل قوله {لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ} [الزمر: 20] وقوله {وَهُمْ فِي الغرفات آمِنُونَ} [سبأ: 37].
وقوله تعالى {وَجَآءَ رَبُّكَ والملك صَفّاً} [الفجر: 22]: أي الملائكة بدليل قوله: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ الله فِي ظُلَلٍ مِّنَ الغمام والملائكة} [البقرة: 210].
وقوله تعالى: {سَيُهْزَمُ الجمع وَيُوَلُّونَ الدبر} [القمر: 45]: أي الأدبار بدليل قوله تعالى: {فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأدبار} [الأنفال: 15].
وقوله تعالى: {أَوِ الطفل الذين لَمْ يَظْهَرُواْ على عَوْرَاتِ النسآء} [النور: 31]: أي الأطفال.
وقوله تعالى {هُمُ العدو فاحذرهم} [المنافقون: 4] أي الأعداء.
ونحو هذا كثير في القرآن، وفي كلام العرب وهو في النعت بالمصدر مطرد، كما تقدم مراراً.
ومن أمثلة ذلك قول زهير:
متى يَشْتَجِر قومٌ يقل سرواتهم ... هم بيننا هم رضى وهم عدل
أي عدول مرضيون."
¥