اللهم لا مانعَ لما أعطيتَ ولا معطيَ لما منعتَ ولا ينفع ذا الجَدِّ منكَ الجَدُّ
ـ[محمد سعد]ــــــــ[14 - 10 - 2007, 10:51 ص]ـ
اللهم لا مانعَ لما أعطيتَ ولا معطيَ لما منعتَ ولا ينفع ذا الجَدِّ منكَ الجَدُّ
قال أبو بكر فيه ثلاثة أقوال: قال أبو عُبيْد القاسم بن سلام: المعنى ولا ينفع ذا الغِنى منك غناه وإنما ينفعه طاعتك والعمل بما يقربه منك. قال وهو بمنزلة قوله عز وجل:" يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليمٍ " وقوله: " وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زُلفى إلاّ مَنْ آمن وعَمِلَ صالحاً "
وقال غير أبي عبيد الجَدُّ في هذا الموضع الحظ وهو الذي تسميه العوام البخت والمعنى عندهم ولا ينفع ذا الحظ منك الحظ إنما ينفعه العمل بطاعتك وقالوا هو مأخوذ من قول العرب لفلان جَدٌّ في الدنيا أي حظ وبخت قال امرؤ القيس:
ألا يا لهفَ نفسي إثر قوم= هم كانوا الشِّفاءَ فلم يُصابوا
وقاهم جَدُّهم ببني أبيهم = وبالأَشْقَيْنَ ما كانَ العقابُ
أراد:وقاهم حظهم، وقال الأخطل:
أعطاكم الله جَدّاً تنصرونَ به= لا جَدَّ إلاّ صغيرٌ بعدُ مُحْتَقَرُ
ومنه قول الآخر:
عِشْ بجَدٍ ولا يَضركَ نَوْك= إنّما عيشُ مَنْ ترى بالجدود
قال أبو بكر وسمعت أبا العباس يقول الجد في كلام العرب ينقسم على أقسام: يكون الجد أبا الأب ويكون الجد أبا الأم ويكون الحظ وهو الذي تسميه العوام البخت ويكون الجد الجلال ويكون الجد العظمة كما قال الله عز وجل: (وأَنَّهُ تعالى جَدُّ ربِّنا) قال ابن عباس معناه وأنه تعالى جلالُ ربِّنا واحتج بقول الشاعر:
ترفَّعَ جَدُّكَ إنِّي امرؤٌ= سقتني الأعادي إليك السِّجالا
والسجال: جمع سجل وهو الدلو. وقال أبو العباس يقال: قد جَدَّ الرجل يَجدُّ إذا صار له جَد وما كنت ذا جَدٍّ ولقد جَدُدْتَ وأنت تَجَدُّ يا رجل
قال وأنشدني ابن الأعرابي:
ولقد يُجدُّ المرءُ وهو مُقَصِّرٌ = ويخيبُ سَعْيُ المرءِ غيرَ مقصِّرِ ويقال أَجَدَّهُ الله إذا جعل له جَدّاً وحُظَّ الرجلُ فهو محظوظٌ من الحظِّ. وقال أبو العباس ما كنت ذا حظٍّ ولقد حَظِظْتَ وأنت تَحَظُّ ويقال رجل حَظِيظٌ جَديدٌ من الجَدِّ والحَظِّ
ويقال قد جَدَّ الرجل في الأمر إذا انكمش فيه،يجدُّ جِداًّ وإذا خاطبت الرجل قلت ما كنت ذا جد ولقد جَدَدْتَ وأنت تَجِد قال أبو العباس أنشدني السدري: (من أصحاب الأصمعي روى عنه ثعلب في مجالسه)
لطالما برَّحَتْ بي الأعينُ النُجُلُ= واقتادني بدواعي غيِّهِ الغَزَلُ
عهدَ الشبابِ لقد أبقيتَ لي حَزَناً= ما جَدَّ ذكرك إلا جَدَّلي ثُكُلُ
إن المشيبَ إذا ما حل زائره = بمنهل جاء يقفو أثره الأَجَلُ
ويقال جَدَّ يَجدُّ إذا قَطَعَ ويقال قد جَدَّ القميص يجدُّ بكسر الجيم ويقال قميص جديد وجبة جديد بغير هاء
قال أبو بكر قال الفراء إنما لم تدخل الهاء في جديد لأن أصلها مجدود فلما صُرفت عن مفعول إلى فعيل الزمت التذكير كما تقول العرب كفٌ خضيبٌ وعينٌ كحيلٌ ولحية ٌ دهينٌ فتحذف الهاء لأن الأصل فيهن كف مخضوبة وعين مكحولة ولحية مدهونة فلما صرفت إلى فعيل ألزمت التذكير ليفرق بين ماله الفعل وبين ما الفعل واقع عليه فالذي له الفعل قولك امرأة كريمة وأديبة وظريفة والذي الفعل واقع عليه قد تقدم ذكره.
قال أبو بكر وسمعت أبا العباس يقول هي القنطرة الجديد ورأيت القنطرة الجديد بغير هاء؛ لأن الفعل واقع عليها.
قال أبو بكر رأيت القنطرة العتيقة بالهاء لأن الفعل لها عَتُقَتْ فهي عتيقة فصارت بمنزلة الأديبة والكريمة. وزعم الفراء أن من العرب مَنْ يقول هذه ملحفة جديدة فيدخلون فيها الهاء وهذه لغة لا يؤخذ بها.
ويقال هذه جبة خلق وهذه ملحفة خلق بغير هاء لأن الأصل في خلق الإضافة يقال أعطني خلق جبتك وخلق ملحفتك فلما أفردوه تركوه على ما كان عليه في الإضاف
قال أبو بكر وقال الفراء ومن العرب من يقول قميص أخلاق وجبة أخلاق فيصف الواحد بالجمع لأن الخُلوقة في الثوب تتسع فيُسمَّى كل موضع منها خَلقاً ثم يجمع على هذا المعنى أنشد الفراء:
جاء الشتاءُ وقيمصي أخلاقْ = شراذم تُضْحك مني التواقْ
¥