ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[28 - 04 - 2008, 08:55 م]ـ
مقام إبراهيم!
قبل أن أبدأ، أحمد الله حمداً كثيراً على ما هدانا إليه من نور النبوة والكتاب، ثم أحمده أخرى، أن كتب لي أن تكون دراستي هذه أولى الدراسات المشاركات في موقعنا الطاهر "أهل القرآن"، ثم أشكره ثالثة، أن أعان شيخنا الفاضل صلاح الدين أبو عرفة فنظر فيها، وتعقبها، وعلق لها الختام، فلله الحمد في الأولى والآخرة، ولي نعمتنا الحميد.
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
إنه أبونا إبراهيم عليه السلام، الذي بلَّغ أمر الله بإحسان، "وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى"،
وكان أمة وحده فيما أقامه الله فيه!
"إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ"، وكان صديقاً نبيا، "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا"، وكان لله خليلا، "وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلا".
هو أبونا الذي أمره الله أن يبني البيت الحرام، فبناه وابنه عليهما السلام، وكان للمقام دورٌ في بناء البيت سنأتي عليه لاحقاً، ففي سورة آل عمران يبين الله أهمية المقام، فيقول ربنا العزيز العليم: "إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ .. "
فما الآية البينة في مقام إبراهيم؟
قبل أن نبدأ، نستذكر ما نحن عليه "أهل القرآن" من أصول التدبر والإستذكار، التي جهد لها الشيخ صلاح الدين أبو عرفة، وقدمها لنا غضة بيِّنة يسيرة، فجزاه الله عنا كل خير، وهداه لأحسن الكَلِم، نستذكر أن آية الشيء علامته، ودلالته، وما ترمز إليه، ونضرب لها مثلاً: فالقلم آية العلم ورمزه، والسيف آية الحرب ورمزها، والشمس والقمر آية النهار والليل.
فما المقام، وما الآيات البينات؟!
المقام ما تقوم فيه، وما تقوم عليه، ودائم الإنشغال فيه، فلو كنت منشغلاً بالقرآن العظيم تدرسه وتقرأه، فمقامك فيما أنت فيه من الدراسة والتدبر والتلاوة،
ولو كنت منشغلاً بالوعظ والدعوة، فمقامك فيما أنت فيه من الدعوة،
ولو كنت منشغلاً في علم النحو والصرف، فمقامك فيما أنت فيه من علوم العربية.
والآية التي في المائدة توضح ما نريد، "فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ" فالمقام هنا هو مقام الشهادة.
وكذلك الآية التي في يونس "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنظِرُونِ"، فمقام نوح عليه الصلاة والسلام هو مقام الدعوة لله الواحد، وتذكيرهم بآيات الله المجيد.
فما الذي كان إبراهيم عليه الصلاة والسلام قائماً عليه؟
بالعودة إلى بناء الكعبة المشرفة، ودورالمقام في ذلك، فبيت الله الحرام أول بيت وضع للناس "إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا .. " إلا أن هذا البيت إنمحت آثاره بعدما أغرق الله الكافرين جميعا، -اعتماداً على ما اجتهد فيه أخونا الشيخ صلاح الدين أبوعرفة، وأثبته بالبينات.
¥