جاء إليه رجلان يوماً، فقال أحدهما: يا جمعة، إن هذا الرجل زنى بامرأتي. فقال: ومن أين علمتَ ذلك؟ قال: يزعم أنه رأى امرأتي في منامه فنكحها. قال جمعة للخصم: كذلك كان؟ فقال الخصم: نعم. فقال جمعة: وجب الحدّ عليه. اذهبوا به إلى الشمس، فإذا امتدّ ظلُّه في الأرض فاجلدوا ظلَّه مائة جلدة!!!
من كتاب:
"محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار"؛ لابن عربيّ)
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[05 - 05 - 2008, 06:19 ص]ـ
وشاية حاقد:
كان محمد المنصور بن أبي عامر المعافري، من ملوك العرب بالأندلس، وكان خطيباً بليغاً، تُوُفِّيَ سنة ثلاثمائة وأربعة وتسعين هجرية.
قال يوماً لأبي عمر يوسف الرمادي، الشاعر المشهور، كيف ترى حالك معي؟ فقال الرمادي، فوق قدري ودون قدرك، فأطرق الملك كالغضبان، فانسلَّ الرمادي، وقد ندم على ما بدر منه، وكان في المجلس من يحسده على مكانته من الخليفة، فوجد فرصة قال:
وصل الله لمولانا الظفر والسعد، إن هذا الصِّنف، صنفُ زور وهذيان، لا يشكرون نعمة، ولا يرعون إلاًّ ولا ذمة، كلاب من غلب، وأصحاب من أخْصب، وأعداء من أجْدب، وحسبك منهم أن الله جل جلاله يقول فيهم "والشعراء يتبعهم الغاوون، ألم تر أنهم في كل واد يهيمون، وأنهم يقولون ما لا يفعلون" والابتعاد منهم أولى من الاقتراب، وقد قيل فيهم، ما ظنك بقوم، الصدق يستحسن إلا منهم.
فرفع الملك رأسه وكان محاميَ أهل الأدب والشعر، وقد أسودَّ وجهه وظهر فيه الغضب المفرط ثم قال في المجلس: ما بال أقوام يشيرون في شيء لم يُستشاروا فيه، ويسيئون الأدب بالحكم فيما لا يدرون، أيُرضي أم يُسخط؛ وأنت أيها المنبعث للشر دون أن يُبعث، قد علمنا غرضك في أهل الأدب والشعر عامة، وحسدك لهم، لأن الناس كما قال القائل:
من رأى الناس له فضلاً عليهم حسدوه وعرفنا غرضك في هذا الرجل خاصة، ولسنا إن شاء الله نبلغ أحداً غرضه في أحد، ولو بلغنا في جانبكم، وإنك ضربت في حديد بارد، وأخطأت وجه الصواب، فزدت بذلك احتقاراً وصغاراً، وإني ما أطرقت من كلام الرمادي إنكاراً عليه بل رأيت كلاماً يجل عن الأقدار الجليلة، وتعجَّبت من تهدِّيه بسرعة، واستنباطه على قلة من الإحسان الغامر، ما لا يستنبطه غيره بالكثير، والله لو حكمته في بيت المال، لرأيت أنها لا ترجح ما تكلم به ذرة، وإياكم أن يعود أحد منكم إلى الكلام في شخص، قبل أن يؤخذ رأيه فيه، ولا تحكموا علينا في أوليائنا ولو أبصرتم منا التغير عليهم، فإنا لا نتغير عليهم، بغضاً لهم وانحرافاً عنهم، بل تأديباً وإنكاراً، فإنا من نريد إبعاده لم نُظهر له التغير، بل ننبذه مرة واحدة، فإن التغير يكون لمن يُراد استبقاؤه، ولو كنت مائل السمع لكل واحد منكم في صاحبه، لتفرقتم أيدي سبا، وجونبت مجانبة الأجرب، وإني قد أطلعتكم على ما في ضميري، فلا تعدلوا عن مرضاتي، فتجنبوا سخطي بما جنيتموه على أنفسكم، ثم ردَّ الرماديَّ ووصله في حديث طويل.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[05 - 05 - 2008, 12:02 م]ـ
بوركت د. مروان على هذه الجولات الجميلة في والتراث ..
1 - فاعل مرفوع على الطبق:
قال الشيخ: عادل السباعي أن سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله كان على طعام عند رجل في المدينة المنورة
وكان الطعام حارا وأخطأ صاحب الدعوة فلم ينبه الشيخ إلى ذلك
فعندما مد الشيخ يده إلى الطعام وأحس بحرارته قال مداعبا صاحب الدعوة:
أكل طعامُكم الأبرارَ!
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[30 - 05 - 2008, 04:22 ص]ـ
فمن غريب ما جرى أن أسود الزبد كان عبداً يأوي إلى قنطرة الزبد ويلتقط النوى
ويستطعم من حضر ذلك المكان بلهوٍ ولعب، وهو عريان لا يتوارى إلا بخرقة، ولا يؤبه له،
ولا يبالي به، ومضى على هذا دهر، فلما حلت النفرة أعني لما وقعت الفتنة، وفشا الهرج
والمرج، ورأى هذا الأسود من هو أضعف منه قد أخذ السيف وأعمله، طلب سيفاً
وشحذه، ونهب وأغار وسلب، وظهر منه شيطانٌ في مسك إنسان، وصبح وجهه، وعذب
لفظه، وحسن جسمه، وعشق وعشق، والأيام تأتي بالغرائب والعجائب، وكان الحسن
البصري يقول في مواعظه: المعتبر كثير، والمعتبر قليل. فلما دعي قائداً وأطاعه رجالٌ
وأعطاهم وفرق فيهم، وطلب الرآسة عليهم، صار جانبه لا يرام، وحماه لا يضام.
فمما ظهر من حسن خلقه - مع شره ولعنته، وسفكه للدم، وهتكه للحرمة، وركوبه
للفاحشة، وتمرده على ربه القادر، ومالكه القاهر - أنه اشترى جاريةً كانت في النخاسين
عند الموصلي بألف دينار، وكانت حسناء جميلة، فلما حصلت عنده حاول منها حاجته،
فامتنعت عليه، فقال لها: ما تكرهين مني؟ قالت: أكرهك كما أنت. فقال لها: فما تحبين؟
قالت: أن تبيعني، قال لها: أو خيرٌ من ذلك أعتقك وأهب لك ألف دينار؟ قالت: نعم،
فأعتقها وأعطاها ألف دينار بحضرة القاضي ابن الدقاق عند مسجد ابن رغبان فعجب
الناس من نفسه وهمته وسماحته، ومن صبره على كلامها، وترك مكافأتها على كراهتها،
فلو قتلها ما كان أتى ما ليس من فعله في مثلها.
الامتاع والمؤانسة لأبي حيان
¥