أما (مجلس الأمن) فكم كنا نتمنى أن تكون له سلطة رادعة للمعتدي وأنه يمتلك الآلية لتنفيذ قراراته دون تعطيل من الدول التي لها حق النقض (الفيتو) ولا أدري كيف اكتسبت هذا الحق؟ هل هو منطق القوة ونشوة الانتصار في الحرب العالمية؟! أم هو الضعف والتخلف في الدول الأخرى؟ وقد ظهرت الآن قوى عالمية أخرى ينبغي أن يضرب لها حساب، وأن يعاد النظر في نظام كثير من الهيئات الدولية تبعاً لتغيرات موازين القوى في العقود القادمة.
إن (مجلس الأمن) بصفته الراهنة يلوذ به الضعفاء ويرتمي في أحضانه المستسلمون، ومع ذلك لا يستطيع حمايتهم لأن الدول ذات النفوذ تسيطر على قراراته وتوجهاته، لو نظرنا في قرارات (مجلس الأمن) فيما يتعلق بإسرائيل لوجدنا مئات القرارات لا ينفذ منها إلا ما كان في مصلحة إسرائيل أو يخدم مصالح الدول ذات الهيمنة الاستعمارية.
إذاً: ما ذنب الشعوب والدول المستضعفة إذا فقدت ثقتها في (مجلس الأمن)؟ ولا ألوم الشاعر عندما قال:
(مجلس الأمن) ثوث أعلامه * وارتدى بالظلم نهجاً وشعارا
قد شهدنا ما به من شللٍ * يهدر الحق ولا يحمي الذمارا
ليس للحق به معتصم * كلما لذنا به لفّ ودارا
كل يوم جلسة طارئة * وقرار هائم يتلو قرارا
منطق القوة يحيى منطقا * يفرض الحق إذا ما لخطب جارا
أسوق هذه الأبيات تحت تأثير ما يجري لإخواننا في (غزة)، فلا (مجلس الأمن) نصرهم بفرض قراره بوقف العدوان، ولا استطاعت الدول العربية أن تمد أهالي غزة بالسلاح للدفاع عن أنفسهم، وماذا بعد؟!
- نحن نحارب الإرهاب أينما كان وكيف كان، فليس له جنسية ولا وطن -.
ولكن ألا يرى القارئ الكريم أن انحياز بعض الدول الكبرى لإسرائيل واستمرار إمدادها بالسلاح وأحدث المؤن والمعدات العسكرية. عامل مساعد على إيجاد المناخات المناسبة لنمو الإرهاب؟!
الوقفة الثانية: موقف المملكة العربية السعودية من الحدث:
لست في حاجة إلى استعراض مواقف المملكة العربية السعودية لنصرة القضية الفلسطينية في المحافل الدولية وإمداد الشعب الفلسطيني بالمال عن طريق صندوق الدعم العربي، أو الدعم المباشر وفتح المراكز للتبرعات الشعبية والإغاثة على امتداد هذا الوطن، وهذا واجبها، تقوم به بنفس كريمة أبية، ومازالت تقوم بجهود مشكورة في رأب الصدع بين الفلسطينيين مثل دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى مؤتمر المصالحة الوطنية بين الفلسطينيين في مكة المكرمة، حرصاً على وحدة الصف الفلسطيني وقد غادروا المملكة متفقين على كل شيء، ولكن يبدو أن هناك أطرافاً داخلية أو خارجية لم يرق لها هذا الاتفاق، فذهبت لإشعال نار الفتنة بينهم من جديد وغرست بذور الاختلاف حتى انقسم الفلسطينيون على أنفسهم.
واليوم يتواصل الدعم السعودي لسكان (غزة) الباسلة وقد فتحت المملكة مستشفياتها لقبول الجرحى والمصابين من أهالي (غزة) وينتظر منها المزيد على قدر مكانتها كما قال الشاعر:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم * وتأتي على قدر الكرام المكارم
أقول هذا لمن يشكك في مواقف المملكة العربية السعودية قيادة وشعباً.
وأعود لإخواننا في (غزة) وهي تتصدى للعدوان ببطولة وبسالة أذهلت العدو وأقضّت مضاجع القيادة العسكرية في إسرائيل، وأقول للمقاومة: كان الله في عونكم وأمدكم بنصره، وقد قررتم تطبيق قول الشاعر:
وإذا لم يكن من الموت بدٌ * فمن العار أن تموت جبانا
إنني أحييكم وأقول لكم أيها المجاهدون الأبطال:
ليس موتاً إذا قضى النحب حرٌ * في ثبات يهزّ ركن الأعادي
إنما الموت أن تنام على الذل * ونهوي لساحة الإخلاد
المصدر:
http://archive.al-jazirah.com.sa/2009jaz/jan/16/rj5.htm