تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[آخر ليلة في حياة إرهابي .. قصة بقلمي ..]

ـ[الشنقيطي الصغير]ــــــــ[14 Mar 2009, 09:30 م]ـ

ترى هل ينفذ الخطة ويفجر نفسه وسط أولئك الكفرة السفلة أم أن للعقل دور في نجاته من ذلك الحزام الناسف الذي كان مقررا أن ينسف جسده النحيل وسط ضحاياه المساكين .. تابع معنا هذه القصة ولا تخرج بدون رد تنورنا به ..

آخر ليلة في حياة إرهابي ..

كان تلك آخر ليلة في حياته القصيرة .. كان شابا في الثامنة عشرة من عمره مندفعا محبا للخير .. كانت بطولات الصحابة تملأ رأسه .. كان يرى طلحة يدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم دفاع الأبطال يوم أحد .. كان يرى أبو عبيدة يفقد ثنيتيه وهو يشد بأسنانه على الحلقة التي أصابت وجه النبي حرصا على راحته .. كان الجهاد في سبيل الله يلهب حماسه .. كان يعلم أن المجاهدين في الدرجات العلا من الجنة وأن الموت في سبيل الله هو أشرف موت في الوجود ..

كان رغم صغر سنه متوقد الذهن شديد الذكاء .. أخبروه بأن الجهاد في سبيل الله فرض على كل مسلم فأقر لهم بان الروح إن لم تبذل في سبيل الله فلا فائدة فيها .. أخبروه بأن الناس كلهم كفار .. قالوا له أن النصارى كفار وأن اليهود كفار وأن حكام المسلمين ومن آمن بهم من المسلمين مجرد كفار ..

- ولكنهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويحجون البيت العتيق .. أجابوه:

- ولكنهم مع الظالمين .. حكمهم حكم الظالمين ..

ترى هل حكم الظالمين هو التفجير .. كان رغم صغر سنه قد اعتاد على استخدام عقله .. لم يسمح يوما للهوى أن يكون دليله .. كانت تساؤلات كثيرة تملأ عقله الصغير .. ترى أيمكننا أن نعبد الله بغير أمرنا به .. لو كان الأمر كذلك لكانت عبادة اليهود أو النصارى صحيحة .. إذا فالعبادات تكون بالواجب والمستحب وإلا لصلى من شاء كيفما شاء .. فهل من الواجب أو المستحب إزهاق الأرواح لمجرد أن أصحابها كفار في نظر قلة من المتأولين ..

كانت تلك الليلة ليلة عمليته الكبرى .. ففيها سيفجر نفسه وسط جيش أعزل من السياح الغربيين الكفرة ومن طوعت له نفسه حراستهم أو مرافقتهم من المسلمين الكفرة ..

ألقى نظرة متفحصة على حزامه المتفجر .. ترى هل ستحملني إلى الجنة أم إلى النار .. ترى هل ستحرقني في الدنيا أم ستنجني من عذاب النار .. كم أحب الجنة .. وكم أنا خائف من الانحراف عن سبيلها ..

سمع طرقا خفيفا على الباب فغمغم في شرود:

- تفضل ..

- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

ترى ما معنى السلام .. ما معنى السلام عليكم ..

كرر الداخل السلام وهو يقول:

- هل مازلت تحلم كعادتك .. تعوذ بالله من الشيطان الرجيم ..

الشيطان الرجيم .. كم هو عبقري ذلك الشيطان الرجيم إن أوقعنا في الجحيم من باب أشق العبادات على أنفسنا ..

أجابه بتثاقل:

- وعليك السلام ورحمة الله تعالى وبركاته ..

- لم يبق على موعدنا سوى الساعتين عليك الاستعداد قبلهما .. لا تنس أن تتوضأ وتصلي ركعتين فأنت مقبل على الجنة .. أطهر المنازل ..

مقبل على الجنة .. من أخبره بذلك .. ترى هل يعلم الغيب .. همس لصاحبه بصوت وجل:

- لست مطمئنا لهذه العملية .. أنا .. أنا لم أقتل نملة في حياتي متعمدا فكيف أزهق أرواح البشر ..

- إنهم كفرة .. كفرة .. ألا تفهم ..

ابتسم بشرود وهو يقول:

- هل واجبنا كمسلمين قتل الكفرة أم هدايتهم ..

- واجبنا هدايتهم ولكن حكامهم قد ظلمونا ..

ابتسم مجددا وهو يقول:

- هل نحكم بالقتل على كل من ظلمنا ..

أجابه صاحبه:

- دعك من هذا واعلم أنك إنما تجاهد في سبيل الله ..

- ولكن الجهاد له ضوابط ..

- دعك من هذا ..

- حسنا لنفرض أنك تعرف وجه فرعون .. وأنك رأيته في مكان مزدحم بالمسلمين وفيه أيضا كفار مثله .. وأنك خيرت بين قتله وقتل الجميع معه أو تركه وترك الجميع فهل تقتله أم تتركه تقديرا لأرواح الآخرين ..

شد صاحبه حزامه المتفجر على وسطه وألقى عليه نظرة نارية وهو يقول:

- لو كان فرعون يحتمي بكوكب الأرض كله لفجرت الكوكب بمن فيه على رأسه ..

ضحك بمرارة وهو يقول بصوت خافت:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير