تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[دروس غزاوية]

ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[15 Jan 2009, 02:42 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

[دروس غزاوية]

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

(1)

يتحدث الكثيرون أن حرب غزة كشفت كثيراً من العمالة التي كانت متسترة بالوطنية أو السلام أو غير ذلك، وأنا أستغرب ذلك لأن العمالات والخيانات مكشوفة منذ عقود وعقود عديدة، وإذا كنا لم نكتشف ذلك إلى الآن فهذه مصيبة أخرى. مشكلتنا أننا ننسى فحرب لبنان، وحروب الخليج العديدة، ومن ثم غزو أفغانستان والعراق، ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية في أوسلوا، ومسلسل التنازلات المستمر، كل ذلك نسيناه، إن مسلسل الخيانات والمؤامرات مكشوف ومفضوح ولا يحتاج إلى حرب غزة الحالية فقد مرت على هذه الأمة غزات وهزات.

الشيء الذي يمكن أن يقال هنا هو الخيانة سايقاً كانت بطريقة دبلوماسية أكثر، أما في هذه الأزمة فقد أصبح "اللعب على المكشوف " على حد تعبير الأستاذ فهمي هويدي. فلم يعد حسني باراك - لا بارك الله فيه - يشعر بالخجل وهو يظهر على الشاشة على أنه الحليف الأول لإسرائيل في هذه الحرب، فهو يتحكم بمعبر رفح لمنع الإمدادات عن الفلسطينين، بينما إسرائيل تستخدم أعنى ما لديها من أسلحة. كل البشر يطالبون بفتح معبر رفح - البشر فقط - لكن مبارك دمه بارد وثقيل، ووجهه سميك، وجلده صفيق فهو لا يرى دماء الأطفال، والأشلاء المنثورة في كل مكان، وآهات وصرخات الأمهات، وإذا رآها فهي لا تعني له شيئاً.

لقد كُتبت في هذا الرجل - إن كان رجلاً - في الصحف والمجلات والإنترنت آلاف الصفحات ولو قام قائم بجمعها وتبويبها لصنع خيراً، وذلك لتكون سيرة ذاتية بحق لهذا الممسوخ لتكون لعنة التاريخ والأجيال والأمم لصيقة به إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولكن ماذا يضيره ذلك وهل تهمه صورته في التاريخ وهل يأبه لما ستتحدث به الأجيال المقبلة.

(2)

الحكام العرب يتوارثون فيروسات الخيانة والغدر، ولقد حقنهم الاستعمار بلقاحات ضد الكرامة، وضد الشهامة، وضد النخوة، فلا تؤثر فيهم المناظر المؤلمة، ولا تجرح لهم إحساساً، ولا تلامس لهم شعوراً، ولعلهم لا يريدون أن يتعبوا أنفسهم بمشاهدة هذه المناظر، إن منظر أشلاء الأطفال ودماؤهم وصرخاتهم وآهات النساء مقرفة بالنسبة لهم، إنهم يعكفون على أفلامهم الإباحية وسهراتهم المجونية فهم في واد والشعب في واد آخر،

إنهم كالدمى المتحركة، شخصيات كرتونية تتحكم بها اليد الأمريكية والصهيونية على مبدأ إفعل ولا تفعل، فنجد كل واحد منهم مشغول يكبح شعبه، وليس لديه أي وقت ليتفرغ لغزة، وماله ولغزة إن عينه ساهرة على الكرسي، وزبانيته مشغولة بالقمع والاعتقالات والتجويع والسلب والنهب، ولذلك من العبث أن ننتظر من هؤلاء شيئاً يخدم الأمة إن على المستوى القريب أو البعيد، إن على المستوى الواقع أو الأمل. فإذ1 كان خمسة آلاف جريح وأكثر من ألف شهيد، وآلاف المشردين والمُعدمين لا تستحق منهم أن يجتمعوا ليتداولوا وليتحاوروا فماذا يُنتظر منهم إن اجتمعوا.

(3)

حين خرج الاستعمار تحت ضربات الشعوب العربية والإسلامية، واضطر أن يغادر بلادنا مهزوماً مدحوراً، فكر بطريقة أخرى للاستعمار، وبينما نحن كنا مشغولين بفرحة الاستقلال والتحرير كان الاستعمار قد أحكم خطة جديدة ليظل جاثماً على صدورنا فترة أطول دون أن نشعر، ونجحت الخطة.

وتتمثل الخطة في مقولة أحد قادة الاستعمار الفرنسي للجزائريين حين خرجت فرنسا من الجزائر: أيها الجزائريون تريدون الاستقلال حسناً؟! تريدون منا الخروج حسناً؟! سنخرج من الباب وندخل من النافذة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير