[النصيحة فيما يجب مراعاته عند الاختلاف وضوابط هجر المخالف والرد عليه-إبراهيم الرحيلي]
ـ[أبو عثمان الكويتي]ــــــــ[21 Feb 2009, 12:54 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الأولى
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين:
وبعد:
فقد كتبت هذه الرسالة المختصرة بعنوان: (نصيحة للشباب) في أواخر شهر رمضان المبارك من عام 1424هـ وكان الفراغ منها في الثامن من شهر شوال من العام نفسه.
وقد عرضتها بعد طباعتها على هيئة أوراق على بعض أصحاب الفضيلة من مشايخنا وزملائنا الأفاضل المهتمين بشأن الدعوة وتوجيه الشباب؛ فاستحسنوها وأثنوا على ما احتوته من مادة علمية، فدفعتها على هيئتها لبعض طلبة العلم فانتشرت بينهم في داخل المملكة وخارجها، ولقد بلغني أنه سحب منها آلاف النسخ ووزعت في عدة بلدان.
ثم كثر الطلب عليها والرغبة في الحصول على نسخة منها ممن لم يجدوها من قبل، فدفعتها للطبع؛ رجاء عموم النفع بها وتيسيرا للحصول عليها.
وها هي ذي الطبعة الأولى منها مع زيادة: (الفقرة السادسة: المتعلقة بمقاصد الهجر)، فقد أضفتها على الأصل للحاجة للتنبيه عليها مع تعديلات يسيرة في مواطن قليلة متعلقة بالألفاظ والعبارات.
وقد رأيت أن أضع لها اسما يكشف عن مضمونها، ويبقى على أصل العنوان السابق؛ فسميتها:
(النصيحة فيما يجب مراعاته عند الاختلاف وضوابط هجر المخالف والرد عليه)
والله تعالى هو المسؤول أن يتقبل هذا العمل، وأنه يجعله نافعا، مؤديا لغرضه؛ إنه سميع مجيب.
إبراهيم بن عامر الرحيلي
المقدمة:
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:
أما بعد:
فهذه نصيحة للشباب من أهل السنة والجماعة أوجب تحريرها الإسهام في النصح للمسلمين, والصلح بين أهل السنة على ما جاءت
النصوص بالترغيب في ذلك.
والباعث عليها: ما يعيشه الكثير من الشباب السلفيين في كثير من البلدان الإسلامية, بل حتى في البلدان الكافرة التي تسكنها
أقليات من المسلمين من تفرق كبير بسبب الاختلاف في المسائل العلمية والمواقف العملية من بعض المخالفين, وما نتج عن ذلك
من تقاطع وتهاجر بل واعتداء وبغي بين أهل السنة حتى عظمت الفتنة واشتد خطرها فأثرت في سير الدعوة إلى السنة, بل
صدت بعض الناس عن اعتناقها بعد أن أقبل الناس عليها في كثير من الأمصار والبلدان.
وألخص هذه النصيحة في النقاط التالية سائلا الله تعالى أن يرزقني فيها الإخلاص في القصد والصواب في القول, وأن ينفع بها من يطلع
عليها من المسلمين.
أولا: إن من الأصول المقررة في الدين: أن المسلم معني بإصلاح نفسه وسعيه في تحقيق نجاتها والابتعاد عن أسباب هلاكها قبل اشتغاله بغيره من الناس, كما قال تعالى: (وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)) .
فأخبر الله عن الناجين من الخسران بأنهم من تحققت فيهم هذه الخصال, فذكر تحقيقهم للإيمان والعمل الصالح في أنفسهم قبل دعوتهم لغيرهم بالتواصي بالحق والتواصي بالصبر, وهذا تقرير لهذه المسألة.
وقد عاب الله على بني إسرائيل مخالفتهم لهذا الأصل بقوله: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ? أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44)) .
فعلى الشباب أن يعتنوا بإصلاح أنفسهم قبل إصلاح غيرهم, فإذا ما استقاموا على ذلك, وجمعوا بين الامتثال لدين الله في أنفسهم ودعوتهم غيرهم إليه, كانوا على هدي السلف بحق ونفع الله بهم, وكانوا دعاة للسنة بأقوالهم وأفعالهم, وهذه لعمر الله أعظم المراتب التي من وفق إليها كان من خيار عباد الله منزلة يوم القيامة.
قال الله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)) .
¥