تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الوصية الجامعة لخير الدنيا والآخرة تأليف شيخ الإسلام ابن تيمية]

ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[24 Mar 2009, 01:04 م]ـ

[الوصية الجامعة لخير الدنيا والآخرة تأليف شيخ الإسلام ابن تيمية]

الطبعة الثالثة

1990م ـ 1410هـ

دار البشائر الإسلامية

بيروت لبنان

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الصادق الأمين. أما بعد، فهذه رسالة شيخ اإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى والتي أجاب فيها سؤال من سأله الوصية. فجمع له فيها ما يقيم شانه في الدنيا والآخرة على اختصار وإيجاز، فجاءت الرسالة جامعة ممتعة نافعة.

ولمّا كانت هذه الوصية حاوية على فوائد كثيرة، كان من المفيد نشرها بعد مراجعة أصولها وتخريج آياتها وأحاديثها. وستكون واحدة في سلسلة من رسائل ووصايا علماء الإسلام الأجلاء.

والله نسأل أن ينفع بها وأن يوفق المسلمين للأخذ بمضمونها.

هذا هو سؤال أبي القاسم المغربي:

يتفضل الشيخ الإمام، بقية السلف، وقدوة الخلف، أعلم من لقيت ببلاد المشرق والمغرب، تقي الدين أو العباس أحمد ابن تيمية بأن يوصيني بما يكون فيه صلاح ديني ودنياي، ويرشدني الى كتاب يكون عليه اعتمادي في علم الحديث، وكذلك في غيره من العلوم الشرعية، وينبهني على أفضل الأعمال الصالحة بعد الواجبات، ويبين لي أرجح المكاسب. كل ذلك على قصد الإيماء والاختصار، والله تعالى يحفظه، والسلام الكريم عليه ورحمة الله وبركاته.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين. أما الوصية، فما أعلم وصية أنفع من وصية الله ورسوله لمن عقلها واتبعها. قال تعلى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ} النساء 131.

ووصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذا لما بعثه الى اليمن فقال:" يا معاذ: اتق الله حيثما كنت، واتبع الحسنة السيئة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن" *رواه الامام أحمد في مسنده [5\ 266]. وكان معاذ رضي الله من النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة عليّة، فإنه قال له: " يا معاذ: والله إني لأحبك" * رواه أبو داود [1522]، والنسائي [3\ 53] *، وكان يردفه وراءه. وروي فيه أنه أعلم الأمة بالحلال والحرام * جزء من حديث طويل رواه الترمذي [3791] وابن ماجه [154] *، وأنه يحشر امام العلماء برتوة * كما في طبقات ابن سعد [2: 347]، وابن حجر في الإصابة [3\ 427]. * أي بخطوة. ومن فضله انه بعثه النبي صلى الله عليه وسلم مبلغا عنه، * كما في حديث البخاري [1395 فتح الباري] *، داعيا ومفقها وحاكما الى أهل اليمن.

وكان يشبهه بإبراهيم الخليل عليه السلام، وإبراهيم إمام الناس. وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول: إن معاذا كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين، تشبيها له بإبراهيم. * الإصابة [3\ 427].

ثم إنه صلى الله عليه وسلم وصاه هذه الوصية، فعُلم أنها جامعة، وهي كذلك لمن عقلها، مع أنها تفسير الوصية القرآنية.

أما بيان جمعها، فلأن العبد عليه حقان: حق الله عز وجل، وحق لعباده. ثم الحق الذي عليه لا بد أن يخل ببعضه أحيانا، إما بترك مأمور به، أو فعل منهيّ عنه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" اتق الله حيثما كنت"، وهذه كلمة جامعة، وفي قوله:" حيثما كنت"، تحقيق لحاجته الى التقوى في السر والعلانية. ثم قال:" واتبع السيئة الحسنة تمحها"، فإن الطبيب متى تناول المريض شيئا مضرا أمره بما يصلحه. والذنب للعبد كأنه أمر حتم. فالكيّس هو الذي لا يزال يأتي من الحسنات بما يمحو السيئات. وإنما قدم في لفظ الحديث "السيئة" وإن كانت مفعولة، لأن المقصود هنا محوها لا فعل الحسنة فصار كقوله في بول الأعرابي: "صبوا عليه ذنوبا من ماء" * أبو داود [380] وأصله في الصحيحين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير