تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[رسالة عاجلة من غزة هاشم بانتظار الرد]

ـ[أبو الخير صلاح كرنبه]ــــــــ[16 Jan 2009, 10:31 ص]ـ

أحبتنا الكرام في هذا المنتدى الدعوي القرآني

لقد وصلتني على الخاص هذه الرسالة بعنوان:

[رسالة عاجلة من غزة هاشم بانتظار الرد]

بسم الله الرحمن الرحيم

[تريدُونَ جِهَادًا رَبَّانيا علَى أرض الإسَراء بلا أمْوال ولا دماء؟!]

إنّ الله العليم الخبير الحكيم فرض فرائض وحدّ حدوداً وأنزل شرائع ورتّب واجبات على المؤمنين ولم يكلّفهم إلا استطاعتهم، والله رزق الإنسان وأنعم عليه وجعل ماله قياماً لحياته وكذلك قياما لحياة المجتمع، قال الله تعالى في سورة النساء: {وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً} (من الآية 5). فقيام حياة الإنسان والمجتمع الدنيوية بما يتموّله ويكون مالاً له، وإلا إن قدر عليه رزقه وتعذر عليه سدّ حاجته أصبح محلاً للعطف والصدقة ورعاية من قامت حياته بالمال؛ إذ لا يوجد منشطا من مناشط الحياة البشرية إلا ولا بد له وتمويل يقوم به.

ولا نقصد بالمال فقط النقود ولكن نقصد كل ما يمتلكه الإنسان من حرث وزرع وأنعام ومساكن وتجارة، والله الذي مكّن الإنسان من الأموال فرض عليه في المال فروضاً وأوجب فيه واجبات ومما فرضه الله في المال حقّ السائل والمحروم وكذلك المسكين وذي الحاجة، وفرض على العائل أن ينفق على من يعول وأوجب الزكاة، ومن مصارف الزكاة الإنفاق في سبيل الله، وسبيل الله إذا جاءت في خطاب الشارع فإنما يقصد بها الجهاد في سبيل الله؛ بل فرض الله تعالى في المال جهاداً، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «جاهدوا المشركين بأموالكم وألسنتكم وأنفسكم»، فالواجب الجهاد في سبيل الله بهذه الثلاثة معاً؛ فمن عجز عن أحدها سقط عنه ولكن لا يسقط عنه ما هو عليه قادر وله مستطيع فمن حبسه العذر عن جهاد الكفار بالسيف وتعريض النفس لرضوان الله ومغفرته بالقتل بسيوف الكفار فلا يسقط عنه الجهاد بالمال والجهاد باللسان، والمجاهد بماله كالغازي في سبيل الله لقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «من جهّز غازياً فقد غزا».

والقتال في سبيل الله مفسدة للمال والنفس، لذلك جعله الله سبحانه ذروة سنام الإسلام، وجعله حياة للأمة مع أن ظاهر من قبله ذهاب الأموال والأنفس؛ فأما الذين نافقوا فيبخلون ولا ينفقون إلا قليلاً ويأمرون الناس بالبخل، وأما أهل الدّين والإيمان فينفقون أموالهم في سبيل الله ابتغاء رضوانه؛ فالله جل وعلا يقول: {وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (195) سورة البقرة، قال في هذه الآية أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه إنها نزلت فينا نحن الأنصار لمّا أعزّ الله الإسلام، قالوا هلكت أموالنا وأرادوا العودة إلى زروعهم ومواشيهم وترك الجهاد فنزلت هذه الآية.

فالإنفاق على الجهاد فريضة من الله محكمة بل الإنفاق في سبيل الله جهاد، ولا يخفى ثواب الله للمنفق في سبيله قال تعالى: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (261) سورة البقرة، وقال سبحانه: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} (من آية 20) سورة المزمل، فلا يظنن باذلٌ ماله في سبيل الله أنّ إنفاقه هذا نافلةً له أو تفضّلا منه على المجاهدين بل هو واجبٌ أوجبه الله على عباده المؤمنين ولا يتخلّف عنه من القادرين إلا المنافقين والعصاة، نعوذ بالله من الخذلان ....

وإذا كانت أمتنا في هذا الزمان تكالبت عليها أمم الأرض وألقي الوهن في قلوب الأمة وقلّ الرجال المقاتلون عن الدّين وضنّ أهل الأموال بأموالهم، وأشربت الأمة في قلوبها حبّ الدنيا والحرص عليها حتى لو كانت ذليلةً كسيرةً لا قيام لها؛ إنّ هذا العصيان لله تبارك وتعالى بترك الجهاد وقتال الأعداء؛ وكذلك ترك الإنفاق عليه هو سببٌ رئيس من أسباب ذلّ الأمة اليوم، وتسلّط أمم الأرض عليها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير