[فوائد ولطائف وطرائف من كتب الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله]
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[12 Apr 2009, 05:34 م]ـ
الحمد لله الذي وهب لنا العقول والأذهان، ومنحنا فصاحة اللسان، وألهمنا التبيان، نحمده تعالى والحمد من إحسانه الجسيم، ونشكره والشكر من إنعامه العميم، ونصلي ونسلم على محمدٍ النبي الأمي الكريم، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
في البداية أحييكم أيها الأحبة في الله بتحية من عند الله مباركة طيبة:
تحية أنفاس الرياض وشى بها
نسيم هدوء والنواظر هجع
فجاءت كأن المسك خالط نفحها
لها في أنوف الناشقين تضوع
يارب إنك ذو عفو ومغفرة
فنجنا من عذاب القبر والنكد
واجعل لنا جنة الفردوس موئلنا
مع النبيين والأبرار في أبد
أيها المباركون:
سأتحفكم في هذه المشاركة بالأصعب وهو مايقول عنه الندوي رحمه الله: (الاختيار مثل التأليف أو أصعب منه، فإنه يتجلى فيه ذوق المؤلف ودقة نظره ولطف حسه).
لذا يطيب لي أيها المباركون أن أقدم لكم شيئاً مما جمعته من فوائد من كتب الشيخ على الطنطاوي رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، وهذا الجمع يأتي استكمالاً لما تم الشروع فيه من جمع الفوائد من كتب الأئمة وإيفاءً بالوعد الذي وعدته بجمع الفوائد منها.
والأصل أن فوائد كل كتاب تعرض في حلقة واحدة إلا إن طالت فوائد الكتاب فتعرض في جملة من الحلقات.
الكتاب الأول: فصول في الثقافة والأدب، الطبعة الأولى 2007م، دار المنارة، جمع وترتيب حفيد المؤلف مجاهد ديرانية.
1 ـ فيما يتعلق بالسرقات الأدبية أعرض واحدة لها صلة بالعلم والعلماء، وهي سر لم يُرفع عنه الستار إلى الآن.
ذلك أن عندنا كتابين متماثلين تماماً في موضوع جديد، لم يؤلف فيه قبلهما ولم يؤلف فيه بعدهما إلا القليل، هما كتاب (الأحكام السلطانية) للماوردي، وكتاب (الأحكام السلطانية) للقاضي أبي يعلى، والكتابان متشابهان متطابقان لأن أحدهما منسوخ عن الآخر، فمن هو صاحب الكتاب الأول؟
الماوردي من أفقه فقهاء الشافعية وكان يلقب بأقضى القضاة، وأبو يعلى من أفقه فقهاء الحنابلة، وإذا قيل (القاضي) انصرف اللقب إليه.
والاختلاف بينهما أن الماوردي حين يسرد الأحكام يسردها على المذهب الشافعي وأبو يعلى على مذهب الإمام أحمد، وكانا في عصر واحد، وبلد واحد، وأظنهما كانا قاضيين في محكمة واحدة!
فلعل أحد الأساتذة أو الطلاب الذين يُعِدون رسائل الشهادات العالية يدرس هذا الموضوع ويُثبت بالأدلة من منهما المؤلف الأول.
أما أنا فأميل إلى أنه الماوردي، لأن للماوردي كتاباً آخر قريباً في أسلوبه ونهجه وطريقته من هذا الكتاب، والله أعلم بالصواب. ص24.
2 ـ من الطرائف التي وجدتها وأنا أنظر في الكتب أن باب إبراهيم المعروف الآن في الحرم المكي، وهو بقرب باب الحزورة، ليس منسوباً إلى سيدنا إبراهيم كما يظن الناس، بل هو منسوب إلى خياط معمر كبير السن اسمه إبراهيم، كان يجلس عند هذا الباب فنُسب إليه وخلد اسمه واشتهر.
فليست الشهرة مقياساً للعظمة، بل ربما اشتهر من لا يستحق الشهرة وربما نُسي من كان مستحقاً لخلود الذكر. ص33.
3 ـ كانت الكعبة تُكسى الديباج الأبيض، حتى جاء الخليفة العباسي الناصر فكساها الديباج الأسود سنة 521هـ، واستمر ذلك إلى الآن. ص34.
4 ـ في سنة 352هـ بعث بطرك الأرمن إلى ناصر الدولة (ابن حمدان) برجلين ملتصقين، وهما توأمان وعمرهما خمس وعشرون سنة، والالتصاق في الجنب، ولهما بطنان وسرتان ومعدتان، ويختلف وقت جوعهما وعطشهما.
ثم مات أحدهما وأنتن، وجمع ناصر الدولة الأطباء ليفصلوا الحي عن الميت، فلم يستطيعوا فمات الآخر.
هذا مارواه المؤرخون، فما رأي الأطباء؟. ص34.
5 ـ في سنة 304هـ أُهدي إلى المقتدر العباسي طائر أسود يتكلم الفارسية والهندية، أفصح من الببغاء.
وبمناسبة الكلام عن هذا الطائر: وقعت لي واقعة أحلف لكم بالله أني أرويها كما وقعت، لا أتزيد ولا أبالغ.
هي أني لما كنت في لكنو في الهند سنة 1954م مللت في الفندق، فاستعرت من مكتبة ندوة العلماء كتباً منها (تاريخ الخلفاء) للسيوطي، وأنا مولع بهذا الكتاب وقد قرأته مرات كثيرة، فجعلت أطالع فيه، فوقفت على هذا الخبر الذي رويته.
¥