تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن كل الناس يعيشون أحلام اليقظة، ولكن الفرق بين العظماء وغيرهم: أن أولئك العظماء لديهم القدرة، وقوة الإرادة والتصميم على تحويل تلك الأحلام إلى واقع ملموس، وحقيقة قائمة، وإبراز ما في العقل الباطن إلى شيء يراه الناس، ويتفيئون في ظلاله.

إن من أهم معوقات صناعة الحياة:

الخوف من الفشل، وهذا بلاء يجب التخلص منه، حيث إن الفشل أمر طبيعي في حياة الأمم، والقادة، فهل رأيت دولة خاضت حروبها دون أي هزيمة تذكر؟! وهل رأيت قائداً لم يهزم في معركة قط؟! والشذوذ يؤكد القاعدة، ويؤصلها، ولا ينقضها. إن من أعظم قادة الجيوش في تاريخ أمتنا – خالد بن الوليد – سيف الله المسلول، وقد خاض معارك هزم فيها في الجاهلية، والإسلام، ولم يمنعه ذلك من المضي قدماً في تحقيق أعظم الانتصارات، وأروعها .. ومن أعظم المخترعين في التاريخ الحديث؛ مخترع الكهرباء (أديسون) وقد فشل في قرابة ألف محاولة؛ حتى توصل إلى اختراعه العظيم، الذي أكتب لكم هذه الكلمات في ضوء اختراعه الخالد ..

وقد ذكر أحد الكتاب الغربيين؛ أنه لا يمكن أن يحقق المرء نجاحاً باهراً حتى يتخطى عقبات كبرى في حياته. إن الذين يخافون من الفشل النسبي، قد وقعوا في الفشل الكلي الذريع (أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا) (التوبة: من الآية49)

(ومن يتهيب صعود الجبال ... يعش أبد الدهر بين الحفر)

إن البيئة شديدة التأثير على أفرادها؛ حيث تصوغهم ولا يصوغونها (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى) (وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ) (الزخرف: من الآية23)، ولذلك فهي من أهم الركائز في التقدم، أو التخلف، والرجال الذين ملكوا ناصية القيادة والريادة؛لم يستسلموا للبيئة الفاسدة ولم تمنعهم من نقل تلك البيئة إلى مجتمع يتسم بالمجد والرقي والتقدم؛ ولذلك أصبح المجدد مجدداً؛ لأنه جدد لأمته ما اندرس من دينها وتاريخها وقد ختمت النبوة بنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم - فلم يبق إلا المجددون والمصلحون؛ يخرجونها من الظلمات إلى النور فحري بك أن تكون أحد هؤلاء.

وأختم هذه المقالة بإشارات تفتح لك مغاليق الطريق:

1 - ذلك الكم الهائل من عمرك والذي يعد بعشرات السنين، قد تحقق من أنفاس متعاقبة وثوان متلاحقة، وآلاف الكيلو مترات التي قطعتها في حياتك؛ ليست إلا خطوات تراكمت فأصبحت شيئاً مذكوراً. وكذلك الأهداف الكبرى؛ تتحقق رويداً رويدا، وخطوة خطوة، فعشرات المجلدات التي يكتبها عالم من العلماء، ليست إلا مجموعة من الحروف ضم بعضها إلى بعض، حرفاً حرفاً؛ فأصبحت تراثاً خالداً على مر الدهور والأجيال.

2 - علو الهدف يحقق العجائب، فمن كافح ليكون ترتيبه الأول؛ يحزن إذا كان الثاني ومن كان همه دخول الدور الثاني؛ يفرح إذا لم يرسب إلا في نصف المقررات والمواد.

وإذا كانت النفوس كباراً ... تعبت في مرادها الأجسام

من يهن يسهل عليه ... ما لجرح بميت إيلام

3 - الإبداع لا يستجلب بالقوة , وتوتر الأعصاب؛ وإنما بالهدوء , والسكينة وقوة الإيمان , والثقة بما وهبك الله من إمكانات، مع الصبر والتصميم , وقوة الإرادة والعزيمة؛ ولذلك فأكثر الطلاب تفوقاً؛ أكثرهم هدوءاً , وأقلهم اضطراباً عند الامتحان. وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- أشجع الناس، وأربطهم جأشاً، وأثبتهم جناناً، وأقواهم بأساً؛ يتقون به عند الفزع لا يعرف الخوف إلى قلبه سبيلاً.

4 - التفكير السليم المنطقي يقود إلى النجاح، والتخطيط العلمي العملي طريق لا يضل سالكه. وفشل كثير من المشروعات منشؤه الخطأ في طريقة التفكير، والمقدمات الخاطئة تقود إلى نتائج خاطئة.

5 - الواقعية لا تتعارض مع تحقيق أعظم الانتصارات , والريادة في صناعة الحياة؛ بل هي ركن أساس من أركانها، وركيزة يبنى عليها ما بعده، وعاصم من الفشل والإخفاق بإذن الله.

6 - كثير من المشكلات الأسرية , والشخصية , والاجتماعية؛ منشؤها توهم صعوبة حلها , أو استحالته. بينما قد يكون الحل قاب قوسين أو أدنى؛ ولكن الأمر يحتاج إلى عزيمة وتفكير، يبدأ من تحديد المشكلة ثم تفكيكها إلى أجزاء، ومن ثم المباشرة في علاج كل جزء بما يناسبه.

7 - (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين ُ) (الفاتحة:5) جماع الأمر، ومدار العمل، والقاعدة الصلبة التي بدونها تكون الحياة هباء منثوراً.

أخذنا من وقتكم كثيراً، فهلموا إلى العمل والمجد

ـ[معيوض الحارثي]ــــــــ[07 Mar 2009, 10:18 م]ـ

جزاك الله خيرا ً على المقال وبارك فيك

ـ[أحمد تيسير]ــــــــ[07 Mar 2009, 10:23 م]ـ

جزاكم الله خيراً على هذا المقال النافع.

ـ[عبدالرحمن الوشمي]ــــــــ[08 Mar 2009, 12:07 ص]ـ

أشكر الأخ معيوض الحارثي على مروره ودعائه .. فجزاك الله خيرا ونفع بك ..

كما أثني شكري للأخ أحمد تيسير .. أثابك الله وشكر لك مرورك ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير