تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

- ولكن الله تعالى قال لموسى: "وقولا له قولا لينا" .. الله سبحانه وتعالى أعطاه فرصة للحياة في نعمة الهداية فلماذا نسرق نحن الحياة من الآخرين .. ما أدرانا أنهم لن يهتدوا أو يعدلوا .. هل نقلب قلوبهم أو نطبع عليها .. أليست الهداية بيد الله فهو القادر على هداية الكافر بعد عمر طويل في الفواحش ما ظهر منها وما بطن وإدخاله الجنة .. وهو القادر في الوقت ذاته على إضلال مسلم أمضى مثل عمره في العبادة وإدخاله النار .. لا تنسى أن الإسلام يجبّ ما قبله ..

أجابه صاحبه:

- دعك من فلسفة الجبناء ..

- قلب الحزام المتفجر بين يديه وهو يقول:

- حتى في حالة الحرب لم يأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل جميع النصارى ولا اليهود .. بالعكس أمرنا أن لا نهدم كنائسهم وأن لا نقتل رهبانهم ولا نسائهم ولا أطفالهم .. اليهود والنصارى عاشوا في جوار الرسول صلى الله عليه وسلم فهل سمعت يوما أنه كان يقتلهم لمجرد أنهم كفار .. بل دعاهم كما دعا العرب إلى هذا الدين الرحيم الذي هو للناس كافة .. فأسلم اليهودي والنصراني والمجوسي وكان منهم العلماء والمجاهدين وغيرهم .. لا تنسى أن هذه الدنيا دار ابتلاء نحن مبتلون فيها بأقرب الناس إلينا وواهم من ظن أنها ستصبح في يوم من الأيام جنة من جنان الخلد .. والعاقل من يخرج من هذا الامتحان ناجحا بمعدل يضمن له إحدى الدرجات العليا في الجنة .. لا من يلقى ربه وقد سفك دم فلان واغتصب مال فلان وأضل فلان ..

أجابه صاحبه بانفعال:

- ولكن العالم كله يحارب المسلمين ..

ألقى عليه نظرة تأمل وهو يقول:

- هذا من ضمن الابتلاء .. ولكن لا يعني أن يعتدى علينا أن نكون من المعتدين .. كيف نقتل من يشهد أن لا إله إلا الله لمجرد أنه جندي من جنود الحاكم يطعم أبنائه من راتب الحكومة الضئيل .. لماذا نقتله .. هل حكم الزاني وقد يتوب في أية لحظة هو القتل .. هل حكم المتبرجة وقد تتوب في أية لحظة هو القتل .. هل حكم المشرك وقد يسلم في أية لحظة هو القتل .. ألا ترى معي أن في ديننا العظيم فسحة ..

- ولكنهم ارتدوا بمعاونتهم للحكام الذين يعاونون الكفار ..

ضحك مجددا وهو يقول:

- يسمى مرتدا من أعلن انسلاخه من شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .. وهذا يستتاب ثلاثة أيام قبل أن يقتل ولا يتربص به في الطرقات ليذبح كالخروف .. نحن كبشر لا نملك جنة أو نار حتى نحكم على من هو مثلنا بأنه خارج من الجنة أو داخل في النار .. بل علينا أن نتبع خطى نبينا عليه الصلاة والسلام في هداية الناس بالحكمة والموعظة الحسنة ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر .. ليس لنا من الأمر شيء بل الأمر كله لله .. يا عزيزي .. نحن ضعفاء أولى بنا أن ننتبه لأنفسنا لكي لا نقع في شر أعمالنا .. ولا تنس قول نبيك الكريم "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" .. فو الله لو أجتمع مشايخ هذه الحركات كلهم على تبرير قتل الناس لما وسعتهم خيمة المنطق ..

- دعك من هذا فقد فات الأوان .. ضع حزامك الناسف وتوكل على الله ..

- أتوكل عليه في ما لم يأمرني به ..

- ولكنك تجاهد في سبيله ..

- بقتل الأبرياء المعاهدين والمسلمين ..

- بل بقتل الكفار ..

رمى الحزام من يده وهو يقول لصاحبه:

- أثبت لي فقط أنهم كفار .. أثبت لي أن حق الكافر علينا كمسلمين هو القتل لا الهداية .. قل لي بأن الإسلام حكرا على جماعة من الناس دون أخرى .. أخبرني بأن الحاكم يستحيل أن يكون أعلم مني ومنك وأكثر صلاة ومعرفة بالله .. قل لي بأنك تعلم الغيب وما تخفي الصدور وتعلم متى يجب أن تقتل أحدهم ومتى يجب أن تحييه ..

نظر إليه صاحبه باستغراب وتمتم:

- ولكنك كنت أشجعنا ..

- أشجعكم في الحق .. يا أخي العزيز إنها الجنة أو النار .. فو الله لأن أطيل في عمري بدل الانتحار المحرم أصلا حتى في ساحة الوغى وأتزوج ببنت الحلال التي تسعدني في بيتي وأعبد الله مائة عام في الصحراء أسعد برؤية الشمس والقمر خلالها في كل يوم لخير لي من أن أدخل نفسي في متاهات شبهة اتفق علماء المسلمين كلهم على ضلالها ..

رمى صاحبه الحزام الناسف من يده وعانقه وهو يقول والدموع تملأ عينيه:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير