تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فهذان نصان لبدر وأحد خاصة، ولا يحتملا التأويل ولا يقاس عليهما لانقطاع الوحي.

ثالثا: حديث حرام بن ملحان، وقوله: فزت ورب الكعبة وتقرير النبي له ..

أولا: هذا وصف منه لحاله، وكفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة، أو بعد هذا شك؟

وثانيا: سبق أن قلنا أن التقرير هو أحد وجوه السنة وهي بالوحي وفي عصره، والآن قد انقطع.

رابعا: قوله شهادة السلف لعددٍ من الصحابة منهم: هشام بن العاص، وقُثَم بن العباس، والبراء بن مالك والنعمان بن مقرن بالشهادة، وكذا ما ذكره الذهبي في السير قول يحيى بن معين عن أحمد بن نصر المروزي: ختم الله له بالشهادة ..

أقول: سيأتي أيهما أولى بالإتباع .. كلام النبي صلى الله عليه وسلم وكلام عمر وابن مسعود أو كلام غيرهما .. مع أن ظاهر هذه الأقوال محض اجتهاد لا يقف أمام النهي الصريح فيما سيأتي من أدلة إن شاء الله تعالى.

خامسا: أما عن الفتاوى المذكورة ومنها فتوى شيخ الإسلام عن شهيد البحر ..

فجوابه كان عن حكم الفعل نفسه، نعم الغريق شهيد للحديث الوارد فيه بلا منازعة .. فهي فتوى عامة وحقها أن تخصص عن هذا الغريق بعينه هل يقال له شهيد أم لا؟

والمتأمل في إجابته يجده قد وضع قيدا غفل عنه من استشهد بكلامه، وهو بالقيد المذكور يرجع المسألة إلى الغيب والذي لا يعلمه إلا الله.

وكذلك فتوى الإمام ابن باز رحمه الله تعالى وقوله: كل من سماه النبي صلى الله عليه وسلم شهيدا فإنه يسمى شهيدا .. الخ

فهذا هو الحق الذي لا يراد غيره، وهو مرادنا قطعا، وفتواه ليس فيها إشارة للقول بها للمعين .. وقوله في الفتوى الأخرى عمن قتل في مكافحة المخدرات:

ومن قتل في سبيل مكافحة هذا الشر وهو حسن النية فهو من الشهداء. الخ

فتقييده بحسن النية يفهم منه أنه أراد الحكم على هذا العمل كليا بأنه شهادة وليس يفهم منه القول للمعين أنه شهيد لأنه قتل في مكافحة المخدرات، وتقييده بحسن النية لا يفهم منه غير ذلك لأن النية محلها القلب ولا يعلمها إلا علام الغيوب.

وقس على هذه فتوى اللجنة الدائمة، مع أنها أشارت إلى حكم الغسل أكثر منها على حكم القول للمعين بأنه شهيد.

أما الاستدلال بحديث: المؤمنون شهداء الله في الأرض، فسيأتي الكلام عليه مفصلا في محله من هذه المناقشة، إن شاء الله تعالى.

3 - الرد على اعتراض ابن عاشور على تبويب البخاري

أما ما نقل عن الطاهر بن عاشور - رحمه الله - وقوله عن ترجمة البخاري:

هذا تبويب غريب، فإن إطلاق اسم الشهيد على المسلم المقتول في الجهاد الإسلامي ثابت شرعًا، ومطروق على ألسنة السلف فمن بعدهم ... والوصف بمثل هذه الأعمال يعتمد على النظر إلى الظاهر الذي لم يتأكد غيره، وليس فيما أخرجه البخاري هنا إسناد وتعليق ما يقتضي منع القول بأن فلانًا شهيد، ولا النهي عن ذلك.

فالظاهر أن مراد البخاري بذلك أن لا يجزم أحد بكون أحد قد نال عند الله ثواب الشهادة؛ إذ لا يدري ما نواه من جهاده، وليس ذلك للمنع من أن يقال لأحد: إنه شهيد، وأن يجرى عليه أحكام الشهداء، إذا توفرت فيه، فكان وجه التبويب أن يكون: باب لا يجزم بأن فلانًا شهيد. اهـ

قلت في كلامه - رحمه الله - ثلاثة مسائل:

الأول في قوله: إطلاق اسم الشهيد على المسلم المقتول في الجهاد الإسلامي ثابت شرعًا، ومطروق على ألسنة السلف فمن بعدهم .. اهـ

قلت: الثبوت شرعا من ناحيتين، ناحية نوع الشهادة وهو الوارد، وناحية التعيين والتخصيص، فلم يطلق بلا قيد. وتسمية السلف ليست شرعا يتبع لا سيما إذا وجد النص المخالف.

الثانية في قوله: وليس فيما أخرجه البخاري هنا إسناد وتعليق ما يقتضي منع القول بأن فلانًا شهيد، ولا النهي عن ذلك .. اهـ

قلت: ولكنه لو قرأ شرح ابن حجر لعلم أن البخاري رحمه الله يشير بذلك إلى النهي الوارد عن أمير المؤمنين عمر - كما سيأتي – وما ذكره في الباب فيه النهي عن القطع لأحد بالجنة كما هو ظاهر.

الثالثة في قوله: وليس ذلك للمنع من أن يقال لأحد: إنه شهيد، وأن يجرى عليه أحكام الشهداء، إذا توفرت فيه ... اهـ

قلت: المنع تحقق بنصوص صريحة ستأتي وبما ورد عن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما، أما أن تجري أحكام الشهادة على من توفرت عنده أسباب الشهادة فهو الوارد شرعا فيؤخذ به ونكل نيته إلى خالقه ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير