فلما حصل شيء من سوء التفاهم بين عبد الرحمن بن عوف وخالد بن الوليد، وسَبَّ خالدٌ عبدَ الرحمن بن عوف، النبي - -صلى الله عليه وسلم- - نهى خالدا عن سب عبد الرحمن وقال لخالد: لا تسبوا أصحابي يعني: المتقدمين في الصحبة، وإن كان خالد من الصحاب.
لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه فالنبي - -صلى الله عليه وسلم- - ينهى من له صحبة أخرى أن يسب من له صحبة أولى، ويقول - عليه الصلاة والسلام -: إن خالدا بن الوليد لو أنفق مثل أحد ذهبا في سبيل الله، وأنفق عبد الرحمن بن عوف مدا أو نصف المد، ما لحق خالد عبد الرحمن بن عوف؛ للتفاوت العظيم الذي بينهما.
المد ما هو؟ ملء كفي الرجل المعتدل. المد: ملء كفي الرجل المتوسط اليدين، اللتين ليستا بالكبيرتين ولا بالصغيرتين، يقال له: مد. والصاع أربعة أمداد، والنصيف يعني: النصف. فخالد بن الوليد لو أنفق مثل أحد ذهبا، وأنفق عبد الرحمن مدا -ملء الكف- أو نصف المد، لسبق عبدُ الرحمن خالدا.
لماذا؟ لأن عبد الرحمن من السابقين الأولين، وخالد من المتأخرين في الصحبة. فالنبي - -صلى الله عليه وسلم- - يخاطب خالدا يقول: لا تسبوا أصحابي المتقدمين، مَن لهم صحبة أولى. يخاطب مَن له صحبة أخرى.
لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده. .. أقسم عليه، وهو الصادق وإن لم يقسم، لكن لتأكيد المقام. فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم ... أيها المتأخرون في الصحبة. مثل أحد ذهبا، ما بلغ مد أحدهم. .. مد السابقين الأولين ولا نصيفه.
فإذا كان هذا التفاضل بين الصحابة -بين السابقين الأولين، وبين من أسلم بعد صلح الحديبية- فكيف التفاضل بين من أسلم بعد صلح الحديبية، ومن أسلم يوم الفتح؟ فكيف التفاضل بين الصحابة، ومَن بعدَ الصحابة؟! لا يعلم إلا الله مقدار التفاضل.
فإذا كان النبي - -صلى الله عليه وسلم- - يخاطب خالدا ويقول: لا تسبوا أصحابي فلا يمكن أن تبلغ ما بلغوا، فكيف بمن جاء بعد الصحابة من التابعين ومَن بعدهم؟ فكيف بمن يسب الصحابة؟! هذا يدل على أن الأمر عظيم، وأن سب الصحابة أمر جلل، أمر خطير، ليس بالأمر الهين.
وفيه التحذير من سب الصحابة، والواجب الترضي عنهم، الترضي عن الصحابة، وإنزالهم منازلهم، ومعرفة فضلهم وسابقتهم، وجهادهم مع النبي - -صلى الله عليه وسلم- - وتبليغهم ونشرهم لدين الله - عز وجل - والواجب تولِّيهم، والترحم عليهم، واعتقاد أنهم أفضل الناس، وأنهم خير الناس.
وأنهم أفضل الناس بعد الأنبياء، وأنه لا كان ولا يكون مثلهم، وأنه لا يمكن أن يبلغ منزلتهم أحد من بعدهم، وأن ما صدر منهم من هفوات فهم ما بين مجتهد مصيب له أجران، وبين مجتهد مخطئ له أجر، وخطؤه مغفور.
وما يُروى من الأخبار في حق الصحابة، فكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - -رحمه الله- - في الواسطية: أن كثيرا مما يروى في حق الصحابة كذب، لا أساس له من الصحة. هذا قسم -قسم كذب لا أساس له من الصحة- وقسم له أصل لكن زيد فيه ونقص. وقسم صحيح، والصحيح هم ما بين مجتهد مصيب له أجران، وما بين مجتهد مخطئ له أجر واحد.
ثم الذنوب المحققة التي تصدر من الصحابة، فهناك أسباب للمغفرة، قد يغفر لأحدهم ما لا يغفر لغيره. فإذا كان الإنسان من سائر المسلمين يغفر له بالتوبة، يغفر له بشفاعة النبي - -صلى الله عليه وسلم- - يغفر له بالحسنات، فالصحابة أولى. فالذنوب المحققة للصحابة قد يغفر لأحدهم بفضله، وجهاده مع النبي - -صلى الله عليه وسلم- - وسابقته للإسلام.
وقد يغفر له بشفاعة النبي - -صلى الله عليه وسلم- - التي هم أولى الناس بها، وقد يَمنّ الله عليه بالتوبة، وقد يغفر له بالحسنات الماحية، أو المصائب. فكيف -بعد هذا- يأتي قوم في آخر الزمان، ويسبون الصحابة ويكفرونهم؟ نسأل الله السلامة والعافية. نعم.] (منقول).
والناس اليوم منهم من لا يقيم للصحابة شأنا بل يسبهم ويشتمهم ومنهم من يسلك مسلكا قريبا من هذا فيساوي نفسه بهم أو يضرب بأقوالهم عرض الحائط بحجج واهية بدعوى العلم وإن هي إلا رجم بالغيب
ـ[خلوصي]ــــــــ[10 Aug 2009, 12:43 م]ـ
أنا لا أساوي ذرَّة بثيابهم
حتى ولو حبَّرت ألف مجلد
شكرا جزيلا شيخنا.