[كشف الشبهة المثارة في قول ابن المنذر (ليس في الختان خبر يرجع إليه و لا سنة تتبع)]
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[10 Nov 2009, 10:38 م]ـ
بيان أصل و محل قول ابن المنذر: (ليس في الختان خبرٌ يُرجع إليه و لا سُنة تتبع)، و أنه قيل في توقيت الختان، و ليس في جنس المكلفين به ( http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=32&book=4343)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، و الصلاة و السلام على رسول الله، سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم، و على آله و صحبه و من والاه
و بعد
زعم بعض المعاصرين المنكرين لمشروعية ختان الإناث - الثابت بالحديث الصحيح و الإجماع الصريح (1) – أن القول المنسوب للإمام ابن المنذر (ليس في الختان خبرٌ يُرجع إليه و لا سُنة تُتَبع) مقصودٌ به ختان الإناث، و أنه حجة لهم فيما ينكرون. و باطلٌ ما يزعمون، و دليل بطلانه:
1 - أن الإمام ابن المنذر نفسه ذكر في كتابه " الأوسط " (2) عددا من الأخبار و السُنن الثابتة، المصرِّحة بختان المرأة، و قال – في باب (ذِكْر وجوب الاغتسال بالتقاء الختانين من غير إنزال) - ما نصّه: ((ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أوجب الاغتسال بالتزاق الختان بالختان)). أهـ و المراد: ختان الرجل و ختان المرأة. و هذا ظاهر؛ لأن الكلام هنا في موجب الغُسل في جماع الزوجيْن.
و من تلك الأخبار ما رواه – بسنده - عن ابن المسيب، قال: كان عمر وعثمان وعائشة، والمهاجرون الأولون يقولون: «إذا مسَّ الختانُ الختانَ وجب الغسل»، و كذا ما رواه بسنده عن الشعبي، حدثني الحارث، عن علي، وعلقمة، عن عبد الله، ومسروق، عن عائشة، قالوا: " إذا جاوز الختانُ الختانَ وجب الغسل ". قال مسروق: وكانت أعلمهم بذلك.
و أخرج حديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا جلس بين شعبها الأربع، وألزق الختان بالختان فقد وجب الغسل "، و كذا حديث
عائشة رضي الله عنها، قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا جلس بين شعبها الأربع، ومسَّ الختانُ الختانَ فقد وجب الغسل ". أهـ
و وجه الدلالة فيها هو التصريح بختان المرأة، و تصريح الإمام ابن المنذر بثبوت تلك الأخبار و الأحاديث عنده، و روايته و تخريجه لها في مصنّفه هذا. و هو ما يبطل الزعم بنفيه وجود الأخبار و السُنن الدالة على ذلك الختان.هذا من ناحية.
و لا مجال للطعن في صحة تلك الأحاديث و نحوها مع تصريح من أخرجها بثبوتها عن النبي صلى الله عليه و سلم، و لتخريج الإمام مسلم في " صحيحه " - عن موجب الغُسل عند جماع الزوجين - للحديث: " إذا جلس بين شعبها الأربع ومسَّ الختانُ الختانَ فقد وجب الغسل ". يعني: ختان الرجل و ختان المرأة. و المقصود موضعهما.
و وجه الدلالة تعليق الغسل على مماسة ختانُ الرجل ختانَ المرأة عند الجماع (3)؛ فيلزم منه مشروعية و إباحة كِلا الختانين (ختان الرجل و ختان المرأة) لزوماً لا انفكاك له، و يسمى مثل هذا اللزوم في أصول الفقه بدلالة الإشارة أو إشارة النصّ، و هي إحدى الدلالات المعتبرة شرعاً.
و هذا ظاهر؛ لأن تصريح النبي صلى الله عليه و سلم و ذِكْره لكلا الختانين في سياق بيان حكمٌ شرعيّ معلَّق عليهما – من غير وجود أي إنكار لهما – دليلٌ قاطعٌ على إقراره لهما، و إباحتهما و مشروعيتهما.
و عليه، فهذا الحديث الصحيح يدل على مشروعية ختان الرجل و ختان المرأة. و يؤكده قول الإمام ابن رجب الحنبلي – في كتابه " فتح الباري " -: (وختان المرأة مشروعٌ بغير خلاف). و انتفاء الخلاف هو معنى و مقتضى الإجماع. و قد تقدم ذكر وقوع الإجماع الصريح على مشروعيته.
و هذا ينقض الزعم بأن كلام الإمام ابن المنذر – المذكور من قبل – محمولٌ على ختان الإناث، و يبطله بيقين؛ لانتفاء الخلاف في مشروعيته.
2 - و من ناحية ثانية، أن ذلك الزعم مجرد دعوى لا دليل عليها، بل قام الدليل على بطلانها من كلام الإمام ابن المنذر نفسه؛ إذ مراده بها توقيت الختان؛ بنصّ عبارته، و هو غير ما يزعمون. و سيأتي بيانه بعد إن شاء الله.
* * *
تعريفٌ بالإمام ابن المنذر
¥