قصيدة جديدة بعنوان: أنينُ يتيمٍ في ليلة العيد
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[19 Sep 2009, 12:29 ص]ـ
هذه أنَّةُ يتيمٍ في ليلةِ العيد دعاني إلى كتابتها قول الله وهو يحضُّ على استشعار آلامهم بقوله (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ) لعل الله أن يحرك بها ساكناً ويؤزَّ بها جامداً , وقد وضعتها وهي في لفافة ولادتها دون حذفٍ أو إضافة لتكونَ على طبيعتها , خصوصاً والناسُ في خضم احتياجات البنين والبنات قد يغفلُ بعضهم عن ذوي رحمٍ من اليتامى يتطلعُ أحدهم ليد تمسحُ رأسهُ وتجدد سروره:
حتَّامَ يعزفُ أنغَامَ الأسَى قلَمي = وسرُّ عمري يُعيي كُلَّ مُكتَتَمِ
نامَ الخليُّونَ والأعيادُ مقبلةٌ = على هناءٍ , وعيني لا ولمْ تَنمِ
وكيفَ لي بمنامٍ دونَ مَسِّ يدٍ = تهمي حناناً على رأسي إلى قَدمي
أوَّاهُ أوَّاهُ يا أمَّاهُ لو بصُرتْ = عيناكِ بي , وعذابي غيرُ منصرمِ
كُلٌّ لهُ صبيةٌ يزهو بهم فرحاً = وما حَظيتُ بذي قُربى ولا رحمِ
علامَ أسلمتِني أماهُ بعدك للدْ = دُنْيا وما ليَ فيها أيُّ معتَصَمِ
أراقبُ العيدَ علَّ العيدَ يحملُ لي = أُنساً به تتجافَى جثوةُ الألمِ
فلا أرى غير عيدٍ عادَ لي بِأَسىً = تبقى حياتي بهِ خِلواً من النِّعَمِ
لا أمَّ تُلبِسني حيناً , وتمشطُ لي = حيناً , وتفرحُ بي كالقحطِ بالدِّيَمِ
تستعذبُ المُرَّ فيما أشتهيهِ وما = أصبوا إليه من الألعابِ والنَّغَمِ
أمِّي فديتكِ عودي لي فقد فتكتْ = بي المآسي وأدمتْ مقلتي , وفمي
ما عاد ينطقُ إلا بالعويلِ على= عهدٍ مضى كنتِ فيه شافيَ السقَمِ
أتذكرين إذا ما جئتُ من لعبي = وشوكةٌ قد أصابت أوسطَ القدمِ
أقمتِ دنياكِ خوفاً من تغلغُلِها = وهي أظهرُ من نارٍ على عَلمِ
من ذا يُدانيك في عطفٍ على ولدٍ = ومن يضاهيك يا أماهُ في الشيمِ
أمَّاهُ لو أنَّ عمري تُفتَدين بهِ = لكنتُ أفديك صدقاً غيرَ مُتَّهمِ
بالأمسِ كنتِ لي الدنيا وزينتها = تحمينني مثل ما يُحمى حِمى الحرمِ
واليومَ تطعنُني أسيافُ مجتمَعٍ = فيه تجرعتُ كأسَ الظُّلمِ والظُّلَمِ
أمي فديتُك عودي لي فقد شرقت = عيناي بعد جفاف دمعها بدمي
أو فافْسحي ليَ تحتَ التُّربِ إنَّ به = مندوحةً عن شراءِ اللؤمِ بالكرمِ
هناكَ في القبرِ لا طفلٌ يُعيرني = باليتمِ أو لوعةٌ تطغى على كلِمي
هناك في القبر لا عَمٌّ سيوجعني = ضرباً ولستُ أخافُ جَور منتقِمِ
هناك في القبر يا أماهُ حَضنُك لي = أبَرُّ عطفاً من الخالاتِ كُلهمِ
هذي خواطرُ عيدي صغتُها نغماً = وحالةُ الدهر لم تثبتْ ولم تدُمِ
فهل سمعتِ كلامي أم قد انقطعت = منك العُرى وغدوتِ اليومَ في الرِّممِ
أنا يتيمٌ ولكني على ثقةٍ = بما قضاهُ إلهي بارئُ النَّسَمِ
فكم يتيمٍ حباهُ الله أنعُمهُ = فصار في الناس سبَّاقاً إلى القِممِ
لو لم يكن ليَ في الدنيا سوى مثلٍ = أعلى , وذاق الذي قد ذقتُ من ألمِ
ذاك الأمينُ الذي ذاعت فضائلهُ = ولا نظير لهُ في البأسِ والكرمِ
صَلى عليه الذي زكى شمائلهُ = ما أنفذَ اللهُ ما قد خُطَّ بالقلمِ
محمود بن كابر الشنقيطي
الرياض- 29/ 9/1430هـ
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[19 Sep 2009, 02:07 ص]ـ
أحسنت! لفتة كريمة، وقصيدة بديعة.
لا يفضفض الله فاك أيها الغِرِّيد.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[21 Sep 2009, 02:48 م]ـ
شكراً لك أخي عماروجزاك الله خيراً مع أن حنجرة أخيك لا تصلح لتغريد.
ـ[صدام المصعبي]ــــــــ[23 Sep 2009, 01:41 ص]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ محمود على هذا القريض الموحي.