[(اتباع الصراط في الرد على دعاة الاختلاط) للعلامة المحدث الشيخ عبد الله السعد]
ـ[السراج]ــــــــ[12 Nov 2009, 10:33 ص]ـ
اِتباع الصراط في الرد على دعاة الاختلاط
للعلامة المحدث الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن السعد
حفظه الله ورعاه
اللهم إنا نعوذ بك من السكوت عن الحق، كما نعوذ من مداهنة الخلق، ونعوذ بك من القول بلا علم، كما نعوذ بك من كتم العلم، ونعوذ بك من شهواتٍ تعمي الأبصار، كما نعوذ بك من شبهات تستخف الأغمار، ونعوذ بك من جرأة السفهاء، والاستخفاف بالعلماء، ومعاداة الأتقياء. نحمدك فأنت للحمد أهل، ونشكرك فأنت صاحب الفضل، ونصلي ونسلم على من بعثته رحمة للعالمين، وسراجاً منيراً للناس أجمعين.
أما بعد:
فإن لله عز وجل سنناً كونية لا تتغيّر ولا تتخلّف , ومنها سنة المدافعة بين الخلق، والصراع بين الحق وأهله، والباطل وأعوانه، فإن سبيل الحق واحدة وللباطل سبل شتى، قال تعالى: ?وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ? [الأنعام:153]. فسنة المدافعة بين الفريقين قائمة إلى أن يشاء الله، ولو كانت الغلبة مع الحق دوماً لما تمايزت الصفوف ولانطوى من ليس من أهل الحق تحت لوائهم وتدثر بدثارهم، فكان من حكمة الله تعالى ولطفه أن قدر الحياة دولا، ومن رحمته وعدله أن جعل العاقبة للمتقين، فمهما لج الباطل وأعوانه فلابد أن يرتج ويخنس، تلك هي حكمة الله وسنته ولن تجد لسنة الله تبديلا، حتى يميز الخبيث من الطيب، ويعلم الله الذين صدقوا ويعلم الكاذبين، فيزداد بذلك الذين آمنوا إيمانا وتثبيتا، وتنكسر شوكة المنافقين والذين في قلوبهم مرض، ولن تجد لسنة الله تبديلا.
تسامع الناس بالجلبة التي أثارها بعض الرويبضة من الصحفيين حول ما يتعلق بحكم شرعي وهو (الاختلاط بين الرجال والنساء)، ذلك أنهم دخلوا البيوت من غير أبوابها، ورموا بسهام الباطل حجابها، فحاموا حول حمىً منيعة، وهجروا أوشال الشريعة، وتسوّروا محراب العلم من غير آلة، ليكون لهم عند الناس بريق وهالة، فسقطوا عند الله وعند الناس، بما افتروا وتقولوا وقالوا للناس، قال سبحانه: ?وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ… ? الآية [النحل:116].
ومع أن منع الاختلاط بين الرجال والنساء، يكفي فيه الوازع الطَبَعِي في الخليقة، لما فطرهم الله عليه من غَيْرة وحَميّة، إلا أن نصوص الوحيين قد جاءت بما يؤكد ذلك، صيانةً لمحارم المسلمين، وحمايةً لأعراضهم، من أصحاب الشهوات والقلوب المريضة، بما سنأتي على بيانه إن شاء الله، فنعوذ بالله من انتكاس الفطر، وتفسّخ العزائم.
وقد تبين لكثير من الناس مغالطات هؤلاء الكتبة، وبعدهم عن الحق والإنصاف، ومخالفتهم لكلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم , بل وبعدهم عما كانوا يتشدقون به من احترام (الرأي المخالف) أو ما أسْموه (الرأي الآخر) ومنح الحرية لجميع الأطراف، ودعواهم بالانفتاح على القول الآخر…، إلى غير ذلك من عباراتٍ طنانة وألفاظٍ رنانة، باتت جوفاء باهتة، أشغلوا بها الناس ردحاً من الزمن, ثم كان ماذا!
لقد كشف الله عور قولهم وزيف دعواهم، فكذّبت أفعالهم أقوالهم، وكرّ ليلهم على نهارهم، وتبين أنهم أمشاجٌ مبتلون بالتغريب، ودعاة فتنة، وأبواق بدعة، ومعاول هدّامة؛ بأقلام مأجورة، وأفعال مأزورة، وعقولٍ مُسيَّرة، وفكرٍ مُضلِّل، حسيبهم الله.
فانظر لهولاء الصخّابون في الصحافة، كيف كالوا بمكيالين، وما الشمس بخافية على ذي عينين، وقديما قالت العرب: «الشيء من معدنه لا يستغرب»، فكل من ينادي بفصل الدين عن الحياة، أو يرى فلسفة في الحياة غير ما يراه الدين، ويرضى بأن يكون بوقاً لأقوام لا خلاق لهم ولا حض في الآخرة، فهذه دعواه.
¥