تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[هاهي العشر الأواخر من رمضان على الأبواب]

ـ[ناصر_عزيز]ــــــــ[10 Sep 2009, 04:05 ص]ـ

هاهي العشر الأواخر من رمضان على الأبواب، ها هي خلاصة رمضان،و زبدة رمضان، و تاج رمضان قد قدمت.

فيا ترى كيف نستقبلها؟

لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخص هذه العشر الأواخر بعدة أعمال.

ففي الصحيحين من حديث عائشة: «كان رسول الله إذا دخلت العشر شد مئزره و أحيا ليله و أيقظ أهله» و لفظ لمسلم: «أحيا ليله و أيقظ أهله» و لها عند مسلم: «كان رسول الله يجتهد في العشر ما لا يجتهد غي غيرها»

و لها في الصحيحين: «أن النبي كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله».

و في الصحيحين من حديث أبي هريرة نهى رسول الله عن الوصال في الصوم فقال له رجل من المسلمين: إنك تواصل يا رسول الله؟

قال: «و أيكم مثلي؟ إني أبيت عند ربي يطعمني و يسقيني».

فمن هذه الأحاديث نرى أن النبي كان يجتهد بالأعمال التالية:

1 - أيقاظ أهله: و ما ذاك إلا شفقة و رحمة بهم حتى لا يفوتهم هذا الخير في هذه الليالي العشر.

2 - إحياء الليل: فإنه إذا كان رمضان كان يقوم و ينام، حتى إذا ما دخلت العشر الأواخر أحيا الليل كله أو جله، فقد أخرج أصحاب السنن بإسناد صحيح من حديث أبي ذر رضي الله عنه: «صمنا مع رسول الله في رمضان فلم يقم بنا شيئا منه حتى بقي سبع ليال، فقام بنا السابعة حتى مضى نحو من ثلث الليل، ثم كانت التي تليها ... حتى كانت الثالثة فجمع أهله و اجتمع الناس فقام حتى خشينا الفلاح. فقلت: و ما الفلاح؟ قال: السحور.»

3 - شد المئزر: و المراد به اعتزال النساء كما فسره سفيان الثوري و غيره.

4 - الاعتكاف: و هو لزوم المسجد للعبادة و تفريغ القلب للتفكر و الاعتبار.

5 - الوصال: وهو أنه صلى الله عليه و سلم كان لا يأكل شيئا أبدا لمدة أيام وهذا من خصائصه.ففي الصحيحين من حديث ابن عمر أن رسول الله واصل في رمضان فواصل الناس فنهاهم، فقيل: إنك تواصل، فقال: «إني لست مثلكم إني أُطعم و أُسقى»، ولهما من حديث أبي هريرة «و أيكم مثلي، إني أبيت يطعمني ربي و يسقيني» و عند مسلم من حديث أنس (أن النبي نهاهم عن الوصال فأبوا أن ينتهوا، واصل بهم يوما ثم يوما ثم رأوا الهلال فقال: «لو تأخر لزدتكم» كالمنكل لهم.وفي لفظ عند مسلم «لو مد الشهر لواصلنا وصالا يدع المتعمقون تعمقهم .. » فمن هذه الأحاديث نعلم أن الرسول كان يواصل الصيام في العشر الأواخر بدليل أنهم رأوا الهلال و هذا لا يكون إلا في آخر الشهر. وأيضا شدة حرص الصحابة على الإقتداء به. وأيضا أن المراد بالإطعام و السقاء ليس هو طعام وسقاء حقيقي (بل المراد ما يغذيه الله لنبيه من معارف و ما يفيض على قلبه من لذة مناجاته و قرة عينه بقربه و تنعمه بحبه و الشوق إليه و توابع ذلك من الأحوال التي هي غذاء القلب و نعيم الروح و قرة العين و بهجة النفوس و الروح و القلب بما هو أعظم غذاء و أجوده و أنفعه حتى يغني عن غذاء الأجسام مدة من الزمن، و كما قيل

لها أحاديث من ذكرك تشغلها

عن الشراب و تلهيها عن الزاد

لها بوجهك نور تستضيء به

و من حديثك في أعقابها حادي

إذا شكت من كلال السير أوعدها

روح القدوم فتحيا عند ميعاد

و من له أدنى تجربة و شوق يعلم استغناء الجسم بغذاء القلب و الروح عن كثير من الغذاء الحيواني، و لا سيما المسرور الفرحان الظافر بمطلوبه الذي قرت عينه بمحبوبه، و تنعم بقربه، و الرضى عنه، و ألطاف محبوبه و هداياه و تحفه تصل إليه كل وقت، ومحبوبه حفي به، معتنٍ بأمره، مكرم له غاية الإكرام مع المحبة التامة له، أفليس في هذا أعظم غذاء لهذا المحب؟ فكيف بالحبيب الذي لا أجل منه و أعظم، و لا أجمل و لا أكمل و لا أعظم إحسانا إذا امتلأ قلب المحب بحبه، و ملك حبه جميع أجزاء قلبه و جوارحه و تمكن حبه منه أعظم تمكن، وهذا حاله مع حبيبه، أفليس هذا المحب عند حبيبه يطعمه و يسقيه ليلا و نهارا؟ و لهذا قال «إني أظل عند ربي يطعمني و يسقيني» و لو كان ذلك طعاما و شرابا للفم، لما كان صائما فضلا عن كونه مواصلا) اهـ. كلام ابن القيم من الزاد

ترى أيه الأحبة: لماذا يفعل رسول الله كل هذا؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير