تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[منهج العلامة ابن باز في بيان الحق للمخطئين]

ـ[محبة القرآن]ــــــــ[03 Oct 2009, 03:17 ص]ـ

د. محمد بن إبراهيم أباالخيل

ليس بغريب أن يبكي المسلمون في الداخل والخارج – بحرفة – شيخنا العلامة أبا عبدالله عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله -، وأن يأسفوا كثيراً لفقده بمظاهر متنوعة، وأساليب رأيناها وعايشناها منذ أن صك أسماعنا خبر وفاته، فمحبته قد ضربت بأطنابها في أعماق قلوب الناس لما لمسوه من علمه وإخلاصه وتواضعه وزهده وأعماله الجليلة في أكثر من حقل ومجال، وقد صدق الشيخ يوسف القرضاوي في قوله:"لا أعرف أحداً يكره الشيح ابن باز من أبناء الإسلام، إلا أن يكون مدخولاً في دينه، أو مطعوناً في عقيدته، أو ملبوساً عليه. فقد كان الرجل من الصادقين الذين يعلمون فيعملون، ويعملون فيخلصون، ويخلصون فيصدقون، أحسبه كذلك والله حسيبه،ولا أزكيه على الله تعالى ".

قد خلّف ابن باز – رحمه الله – تراثاً علمياً وفكرياً ضخماً، توزع بين الأسفار المكتوبة والأشرطة المسموعة، وتركز في العقيدة والفقه والحديث، وفي أبواب هذه العلوم وجوانبها وزواياها كانت له نظراته المتميزة، ومناهجه الخاصة، وخواطره الفياضة، وتعليقاته القيمة، وكل هذه يمكن لطلبة العلم إبرازها والاستفادة منها، وتخصيص دراسات حولها.

إن من الجوانب المهمة التي كانت منذ سنوات تشد انتباهي في محاضرات الشيخ – رحمه الله – وكتاباته أسلوبه المتميز في مناقشة الآخرين وبيان الحق لهم والرد على أخطائهم، ذلك الأسلوب الذي يفتقده – يا للأسف – العديد من العلماء وطلبة العلم والدعاة في الزمن الغابر والحاضر الذين إذا طالعت كتاباتهم في هذا المضمار ألفيتها تفتقد إلى كثير من أخلاق الإسلام في معاملة الآخرين والحكم عليهم، وتفتقر إلى أدنى قواعد المنهج الصحيح في الدعوة إلى الله تعالى والمجادلة بالتي هي أحسن بينما يطمئن القلب، وتنقاد النفس إلى كتابات هذا الشيخ الجليل (ابن باز) الذي تمثل آداب الإسلام وهديه فيما يصدر عنه من أقوال، دع عنك بقية أحواله.

ومن باب النصح لله ولكتابه ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولخاصة المسلمين وعامتهم، وبما أوجبه الله على أهل العلم من قول الحق وعدم كتمانه، والقيام بالدعوة إلى الله والإرشاد إلى سبيله، والدفاع عن دينه، والذب عن حياضه، قام ابن باز بواجبه المنوط به على مدى عقود من الزمن، فجاهد بلسانه وقلمه، فوقف في وجه الدعوات الهدامة والاتجاهات المنحرفة، وشارك في معالجة كثير من القضايا المستجدة، وتكلم وكتب موجهاً للجاهلين، ومصححاً للمخطئين، ومناقشاً للمجتهدين، ورداً على المعاندين، سواء ما كان في الوسائل المسموعة أو المقروءة.

وقد وصل عدد ما طالعته من رسائله ومقالاته التي حررها للتنبيه عن الأخطاء وبيان الحق (الردود) ما يقرب من ثلاثين، كان معظمها حول ما ورد في صحف ومجلات، وباقيها القليل حول ما جاء عبر التليفزيون والإذاعة، وقد كانت نسبة ضئيلة منها رداً على أحد تعرض له، أما القسم الأكبر فقد أنشأه الشيخ لما يراه واجباً عليه من كشف الباطل وإيضاح الحق، وتعليم الجاهل، وتوجيه الغافل، ورد الشارد إلى الطريق المستقيم.

ومن خلال ما اطلعت عليه من آثار الشيخ في نقد أقوال الآخرين وكتاباتهم رصدت مجموعة من الضوابط والآداب التي كان يلتزم بها ويستند إليها عند عرضه للآراء والأقوال، ومن ثم مناقشتها والحكم على أصحابها، وأستطيع أن أجملها في النقاط التالية:

أولاً: ذكره لصاحب المقال أو البحث أو الكتاب المراد مناقشته باسمه الذي وقع به مقاله أو بحثه أو كتابه، وذلك من حين أن يبدأ بيان الحق له وحتى النهاية، كما أنه لا يُغفل لقبه العلمي كالشيخ أو الدكتور ونحوهما، ثم إنه لا يأخذه الحماس في الرد – كما يفعل بعضهم – إلى تحريف الاسم أو الاكتفاء بجزء منه ازدراءً واحتقاراً، كما لا تجره حدة المناقشة إلى السخرية من عنوان المقالة أو البحث أو الكتاب، أو التندر ببعض ألفاظ الكتاب كما يفعل بعض المولعين بالردود على الآخرين وانتقاد كتاباتهم.

ثانياً: نقله لأقوال المتحدث أو الكاتب بنصوصها الكاملة غير مبتسرة من وسطها أو أطرافها، ثم مناقشتها مناقشة علمية، عبارة بعد أخرى، أو مقطعاً بعد آخر.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير