[للعيد فرحة فلاتقتلوها!]
ـ[مرشد ربانى]ــــــــ[19 Sep 2009, 07:07 م]ـ
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على إمام المرسلين، وبعد:
للعيد فرحة، فرحة بفضل الله ورحمته، وكريم إنعامه، ووافر عطائه، فرحة بالهداية يوم ضلت فئام من البشر عن صراط الله المستقيم، يجمع العيدُ المسلم بإخوانه المسلمين، فيحس بعمق انتمائه لهذه الأمة ولهذا الدين، فيفرح بفضل الله الذي هداه يوم ضل غيره "ولتكملوا العدّة ولتكبروا الله على ما هداكم".
أيُّ نعمةٍ أعظم، وأيّ منٍّ أمنُّ وأفضل من أن الله هدانا للإسلام فلم يجعلنا مشركين نجثو عند أصنام، ولا يهود نغدو إلى بيعة، ولا نصارى نروح إلى كنيسة، وإنما اجتبانا على ملة أبينا إبراهيم ودين نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم –"هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين".
وللعيد فرحة ببلوغ شهر رمضان يوم تصرّمت أعمارٌ عن بلوغه، وفرحٌ بتوفيق الله وعونه على ما يسر من طاعته، فقد كانت تلك الأيام الغرّ والليالي الزُّهْر متنزل الرحمات والنفحات، اصطفت فيها جموع المسلمين في سبْحٍ طويل تُقطعُ الليل تسبيحاً وقرآنا، فكم تلجلجت الدعوات في الحناجر، وترقرقت الدموع في المحاجر، وشفت النفوس ورقت حتى كأنما يعرج بها إلى السماء تعيش مع الملائكة، وتنظر إلى الجنة والنار رأي عين، في نعمة ونعيم لا يعرف مذاقها إلا من ذاقها. فحُقَّ لتلك النفوس أن تفرح بعدُ بنعمة الله بهذا الفيض الإيماني الغامر.
وللعيد فرحة بإكمال العدة واستيفاء الشهر، وبلوغ يوم الفطر بعد إتمام شهر الصوم، فلله الحمد على ما وهب وأعطى، وامتن وأكرم، ولله الحمد على فضله العميم ورحمته الواسعة "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فيلفرحوا هو خير مما يجمعون".
فهذا العيد موسم الفضل والرحمة؛ وبهما يكون الفرح ويظهر السرور، قال العلماء: "إظهار السرور في الأعياد من شعار الدين"، وشَرع النبي - صلى الله عليه وسلم- وتقريره إظهار الفرح وإعلان السرور في الأعياد، قال أنس رضي الله عنه: "قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: إن الله أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر".
ففيه دليل على أن إظهار السرور في العيدين مندوب، وأن ذلك من الشريعة التي شرعها الله لعباده؛ إذ في إبدال عيد الجاهلية بالعيدين المذكورين دلالة على أنه يفعل في العيدين المشروعين ما يفعله أهل الجاهلية في أعيادهم من اللعب مما ليس بمحظور؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم – إنما خالفهم في تعيين الوقتين".
ويبين هذا خبر عائشة - رضى الله عنها قالت: "دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنّيان بدفّين بغناء بُعاث، فاضطجع على الفراش، وتسجّى بثوبه، وحول وجهه إلى الجدار، وجاء أبو بكر فانتهرهما، وقال: مزمارة الشيطان عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكشف النبي وجهه، وأقبل على أبي بكر، وقال: دعهما، يا أبا بكر إن لكل قومٍ عيداً وهذا عيدنا".
ومن مشاهد السرور بالعيد بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ما فعله الحبشة، حيث اجتمعوا في المسجد يرقصون بالدرق والحراب، واجتمع معهم الصبيان حتى علت أصواتهم، فسمعهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فنظر إليهم، ثم قال لعائشة: "يا حُمَيْراء أتحبين أن تنظري إليهم، قالت: نعم، فأقامها - صلى الله عليه وسلم - وراءه خدها على خده يسترها، وهي تنظر إليهم، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يغريهم، ويقول: دونكم يا بني أرفدة، لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني بعثت بالحنيفية السمحة".
فهذه مشاهد الفرح بالعيد ومظاهر السرور والبهجة تقام بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقرها ويحتفي بها.
¥