تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[إشراقة النبوغ في حياة العلامة الشيخ علي الطنطاوي]

ـ[أبو الخير صلاح كرنبه]ــــــــ[24 Nov 2009, 11:39 م]ـ

إشراقة النبوغ في حياة

العلامة الشيخ علي الطنطاوي

بقلم الدكتور عدنان علي رضا النحوي

www.alnahwi.com

[email protected]

نشأ الشيخ علي الطنطاوي على سلامة الفطرة وحسن الإيمان، في بيئة توافرت فيها عوامل شتى لحماية الفطرة آنذاك: والدان صالحان رعياه حتى اشتدَّ عوده، فوالده الشيخ مصطفى الطنطاوي، رئيس ديوان محكمة التمييز، كان من وجوه الفقهاء وعيون المربين، ووالدته من آل الخطيب، من بيت عرف بالعلم والتقى، وخاله الأستاذ محب الدين الخطيب، الذي حنا عليه ورعاه، وفتح له سبل التعرف على شخصيات بارزة أثرت فيه، والمجتمع المسلم المتمسك بآداب الإسلام بالرغم من انتشار الجهل، وأجواء العلماء والصالحين الذي عرفهم منذ طفولته، أصحاب والده، وإخوان عائلته، ومع مسيرة حياته كلها في صباه وكهولته وشيخوخته عوامل كثيرة يسرها الله له، حفظت عليه سلامة فطرته، وغذَّته بالإيمان والزاد الطيب الذي ظلَّ ينمو مع نموّه، فاستقام له الدرب بهداية من الله، ترعاه في الشدّة بعد وفاة والديه ـ رحمهما الله ـ، وفي النعمة والرخاء مع مقبل الأيام، وفي السعي الدائب منذ باكورة شبابه في طلب الرزق، وطلب العلم الطاهر النقي.

مصادر علمه:

وكان يؤم مجالس العلماء والأدباء وندواتهم، يساجل بعضهم. ومن أبرز هذه المجالس مجلس العالم الأديب محمد كرد علي، وسليم الجندي، ومحمد المبارك، ومصطفى برمدا، وآخرين. وكان يواظب على حضور محاضرات المجمع العلمي بدمشق، واستمرَّ هذا النهج في جميع البلدان التي زارها، وتعرف على علمائها ورجال الفكر والأدب فيها. وما أكثر البلدان التي طوَّف بها، والزاد الطيب الذي حمله منها (1).

ومصدر آخر لزاده وعلمه وتجاربه، ذلك المصدر رحلاته الواسعة المتعددة، حتى كأنه طوف في الأرض، يجني من كل أرض أطيب ثمارها، وأحلى أزاهرها، وأغنى جواهرها، جال في سوريا وهو ينتقل من قرية إلى قرية معلماً في أول شبابه، يمرُّ من خلالها بتجارب تصقل سجاياه، وتبرز قدراته الذاتية، وتجلو نهجه الذي استقرَّ عليه في حياته كلها.

في معترك الحياة:

لقد خاض في حياته ميادين متعددة مختلفة من العمل (2)، عمل محاسباً في أول دربه مع بعض التجار وقاسى من ذلك، مما كان يرى، فنفر وترك. وعمل مدرساً بدروس خاصة أعلن عنها. وامتحن في بعض التجارب فكان لها إيماناً وعقلاً ونهجاً، ومضى وهو المؤمن الذي رعى مهمته التي خلق للوفاء بها، بين ابتلاء الشدة وابتلاء النعمة، وعمل مدرساً يتنقل بين بعض قرى سورية ويصبر ويجاهد ويصدق في كل عمل عمله صغيره وكبيره، وعلَّم في المدارس الأهلية في الصيف، ونمت مهمة التدريس معه حتى علَّم في المدارس الثانوية في أكثر من بلد عربي، وكذلك في المعاهد الشرعية في مواطن مختلفة، وكذلك في الجامعات، وعلّم فتياناً ورجالاً وشيوخاً.

في القضاء:

وعمل في القضاء، قاضياً في أصغر محكمة إلى أن أصبح مستشاراً في محكمة النقض في سورية، ولقد أبرز القضاء ناحية من مواهبه، وجلا قدرة من قدراته، فاشتهرت مواقفه وأحكامه وفتاواه عن علم وحق وإيمان ثابت، لا ينحاز عن الحق مهما كلفه الأمر، ثابت كالطود، تنهار من حوله عوامل الفتنة وإغراءات الباطل وزخارف الضلال، فشقَّ طريقه بقوة إلى مراتب القضاء العليا عن جدارة وحق، وله في ميادين القضاء مواقف مشهورة، ونوادر مأثورة.

في الصحافة:

وعمل في ميدان آخر واسع كاتساع الفضاء ... تعرف أوله ولا تعرف آخره ... عمل في ميدان الصحافة، فانطلقت مواهبه فيها كالسيل الجارف، يتجدد معه العطاء، ويستقيم له فيها النهج، لا يغير ولا يبدل، ولعل أول تجاربه الصحفية مع خاله محب الدين الخطيب في جريدة " الفتح " الأسبوعية، التي كانت أول جريدة إسلامية تختلط فيها العروبة بالإسلام في كلمات كتابها مثل اشكيب أرسلان وغيره، ومجلة الزهراء، مجلة الأدب الإسلامي، المجلة التي عاشت خمس سنوات فحسب. وأصدر مجلة البعث ليبين محاسن الإسلام، وكتب في المقتبس مع خاله وفي صحف دمشق التي أخذت تظهر.

خطيب وأديب:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير