تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[فتاة جريئة]

ـ[قيس بن سعد]ــــــــ[02 Nov 2009, 12:17 م]ـ

يوجد دائماً في كل مجتمع فتاة (جريئة) وفتىً (جريء)!!، يخرجون على تقاليد المجتمع ويتحللون منها ..

بدأت أول فتاة (جريئة) تلتفت برأسها حين يلقي إليها الفتى (الجريء) بألفاظ الغزل المستور أو المكشوف ..

وتسقط الفتاة الجريئة في نظر المجتمع من أجل هذه الالتفاتة، وتعتبر فتاة فاسدة الأخلاق، ولكنها لا تردع!!

ولا يردع الفتى الجريء الذي ألقى بألفاظ الغزل على قارعة الطريق .. فيتكرر النموذج من هنا وهناك وتتبلد أعصاب الناس على المنظر المكرور .. وتصبح ظاهرة (معاكسة) (بنات المدارس) ظاهرة مألوفة في المجتمع المصري، لا يتحرك لها أحد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. ويفرح الشياطين!!

ورويداً رويداً تتغير ملابس بنات المدارس!!

تقصر (المريلة) قليلاً .. هل هناك مانع؟!، الجورب يغطي ما كشفته (المريلة) ... فماذا يحدث؟

ويقصر الكم قليلاً .. هل هناك مانع؟! ... سنتيمترات قليلة لا تقدم ولا تؤخر .. ماذا يحدث؟! ... هل تخرب الدنيا إذا قصرت الأكمام قليلاً أو قصر (الذيل) لا تحبكوها أيها الملتزمون!!

وتتبلد الأعصاب على المنظر المكرور، فتقصر الأكمام بضعة سنتيمترات أخرى أو يقصر الذيل، أو يقصر الجورب .. وينكشف من المرأة ما أمر الله بستره بنفس المقدار!!

أفِ لكم أيها الملتزمون!!، تفتأون تذكرون الأخلاق وتنادون بالويل والثبور!!، ماذا حدث للأخلاق حين تراجعت الملابس بضعة سنتيمترات؟ ... هل تقاس الأخلاق بالسنتيمتر أيها الجامدون؟! ... الأخلاق قيم (!!) .. والقيم محلها القلب (!!) ... (مادامت الفتاة مقتنعة) بالقيم في داخل نفسها فلن تفسد ولو سارت عارية في الطريق!!

وحين تكثر الفتيات في الشوارع، حاسرات مقصرات سواء من بنات المدارس الثانوية أو مدارس المعلمات، أو من خريجات المدارس الأخيرة اللواتي صرن معلمات، وصارت لن رواتب خاصة يستطعن الإنفاق منها على حوائجهن .. عند ذلك تبدأ (المودات) في الظهور ..

وجاء دور الجامعة ..

كنتم أيها الملتزمون تعارضون في تعليم المرأة حتى في المرحلة الابتدائية!!، وكنتم تقولون إنها لا تصلح إلا للبيت وليس لها القدرة على التعليم .. واليوم تتحداكم الفتاة المتعلمة!!، ها هي ذي قد تعلمت على ذات المناهج التي يتعلم عليها الفتى، ووصلت إلى المرحلة الثانوية وهي لم تلحق به فحسب بل تفوقت عليه في كثير من الأحيان!!

والآن صار من حقها أن تدخل الجامعة .. فماذا أنتم قائلون أيها الرجعيون!! ... ودارت معركة طويلة بين المدافعين والمعارضين.

وطالب المدافعون عن قضية المرأة التي يسمح لها بدخول الجامعة أسوة بالرجل ومساواة له.

وقال المعارضون إن الفتاة لا تصلح للتعليم الجامعي أصلاً لأنه لا يناسب طبيعتها، وسيؤثر على أنوثتها فضلاً عن أنه سيشغلها عن الزواج ويعطلها عنه عدة سنوات، وسيصرفها عن الأسرة والبيت -مهمتها الأصلية- وفوق ذلك كله فهناك مشكلة الاختلاط الذي لا بد أن يحدث في الجامعة، ـ وهو أمر يخالف الدين والأخلاق والتقاليد.

واستغرقت المعركة ردحاً من الزمن غير قليل، وتقاذف الفريقان الاتهامات الجادة، وضاعت حقائق كثيرة في وسط المعركة كانت على الأقل تستحق دراسة مستأنية ليتخذ فيها القرار على بصيرة.

دخلت المرأة الجامعة لا (لتتعلم) ولكن ((لتتحرر))!!

لتتحرر من الدين والأخلاق والتقاليد ..

فقد قيل لها – كما قيل للمرأة الأوربية من قبل - إن التعليم .. والاختلاط .. والحرية .. (والتجربة) كلها ((حقوق)) للمرأة، كان الدين والأخلاق والتقاليد تمنعها من مزاولتها .. واليوم ينبغي أن تحطم الحواجز كلها لتحصل المرأة على ما لها من حقوق ..

وبطبيعة الحال لم تكن هناك طفرة .. إنما جاء كل شيء بالتدريج .. وما كان المخططون يتوقعون أن تحدث الطفرة – وإن تلهفت قلوبهم لمشاهدتها – ولا كان ذلك ممكنا في عالم الواقع.

لقد دخلت أربع فتيات كلية الآداب في ((الجامعة المصرية)) مقتحمات كل الحواجز القائمة يومئذ، والمجتمع كله - بين مؤيد ومعارض - يرقب التجربة الجديدة وما يمكن أن تسفر عنه.

وكان هناك -طبعاً- قدر من الأدب، وقدر من الحياء، وقدر من الاحتشام، سواء من جانب الفتيات الأربع أو من جانب الطلاب في مدرجات الجامعة وأفنيتها والجو كله مملوء بالحذر والترقب ..

وثم بدأوا يقولون لها:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير