الدليل الثاني والعشرون: ما جاء في قصة الإفك، فقد أخرج الشيخان (البخاري 2661 مسلم 2770) عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله ? إذا أراد أن يخرج سفراً أقرع بين أزواجه، فأقرع بيننا فخرج سهمي، فخرجت معه بعدما أنزل الحجاب، فأنا أحمل في هودج وأنزل فيه، حتى إذا فرغ رسول الله ? من غزوته تلك ودنونا من المدينة، آذن ليلة بالرحيل، فقمت حين آذنوا بالرحيل، فمشيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني، أقبلت إلى الرحل، فلمست صدري، فإذا عقدٌ لي قد انقطع، فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه، فأقبل الذين يرحلون لي، فاحتملوا هودجي، فرحلوه على بعيري، وهم يحسبون أني فيه، وكان النساء إذ ذاك خفافا ً، فلم يستنكر القوم حين رفعوه ثقل الهودج فاحتملوه، فبعثوا الجمل وساروا، فوجدت عقدي بعدما استمر الجيش، فجئت منزلهم وليس فيه أحد، فظننت أنهم سيفقدونني فيرجعون إلي…) الحديث.
قلت: والشاهد من هذا هو ابتعاد الرجال عن النساء كما في هذه القصة، فكان الذين يرحلون الهودج يبتعدون عنه جدا، من أجل ركوب النساء فيه، ولذا لم يعلموا أن عائشة رضي الله عنها لم تكن في الهودج؛ بل ظنوا خلاف ذلك، وذلك لبعدهم. فإذا كان هذا في حال ركوب المرأة وهو وقت قصير جدا، ومع ذلك يبتعدون عنها، فكيف يجوز الاختلاط في مقاعد الدراسة!.
الدليل الثالث والعشرون:
ما أخرجه البخاري (5232) ومسلم (2172) من حديث زيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر؛ أن رسول الله ? قال: (إياكم والدخول على النساء). فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: (الحمو الموت).
وإنما شبه النبي صلى الله عليه وسلم الحمو بالموت؛ لأن الخوف منه أكثر من غيره، والشر يتوقع منه، والفتنة تحصل به أكثر من غيره؛ لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير أن يُنكر عليه بخلاف الأجنبي.
وهذه الصفة التي في الحمو (قريب الزوج)؛ موجودة بعينها في الزمالة في التعليم، فالزميلة تتباحث مع زميلها، فتذاكره ويذاكرها، ويخلو بها من غير التفات نظر؛ لأنه زميلها وشريكها في دروسها فهو موت كما ترى،وأما ما يثار من قبل البعض من أنه يحصل خلط بين أدلة تحريم الخلوة وبين الاختلاط ,فنقول أن هذا مجانب للصواب, وأدلة الاختلاط مستقلة كالتي ذكرنا , وإنما تورد أدلة الخلوة كون الاختلاط سبب لها , فليس ثمة ذريعة توصل للخلوة أعظم من الاختلاط المنظم كالذي يحصل في الجامعات والمدارس ونحوها.
الدليل الرابع والعشرون:
سد الذريعة الموصلة إلى فاحشة الزنا، وهذا واجب بإجماع المسلمين وقد دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة.
ومن المعلوم للمتابع؛ أن اختلاط الجنسين يفتح الباب على مصراعيه لذريعة الزنا، ولا ينازع في ذلك إلا من مكابر، أو بعيد عن الواقع.
وقد سئل الشيخ محمد الأمين الشنقيطي عن هذه المسألة بعينها، فقال: (حضرة الأخ المكرم رئيس جمعية الإصلاح الاجتماعي بالكويت حفظه الله ووفقه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فقد وصلنا خطابكم رقم 35 في 27 محرم 1389هـ تسألون فيه عن حكم الشرع في اختلاط الجنسين في الدراسة الجامعية وما يترتب على ذلك من المفاسد. والجواب عما سألتم عنه وفقنا الله وإياكم:
أن من الغريب أن يوجد في أمة مسلمة عربية اختلاط الجنسين في الجامعات والمدارس مع أن دين الإسلام الذي شرعه خالق السموات والأرض على لسان سيد الخلق صلى الله عليه وسلم يمنع ذلك منعا باتا والشهامة العربية والغيرة الطبيعية العربية المملوءة بالأنفة تقتضي التباعد عن ذلك وتجنبه بتاتا، وتجنب جميع الوسائل المفضية إليه، وسنذكر لكم في جواب سؤالكم وفقنا الله وإياكم طرفاً من الأدلة القرآنية والسنة النبوية، ثم نشير إلى شهامة الجنس العربي وابتعاده عن التلبس بما لا يليق، ولو لم يكونوا مسلمين…) إلخ.
“هذا وأشكر طلابي الذين ساهموا في الفتوى وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين”
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
عبد الله بن عبد الرحمن آل سعد
الرياض- ذو القعدة 1430هـ
ـ[المنهوم]ــــــــ[12 Nov 2009, 02:40 م]ـ
حفظ الله علمائنا
وجمع بهم كلمة المسلمين
وغفر الله للشيخ عبدالله وجعل ذلك في ميزان حسناته